روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في ستة مواضع والزكاة والصوم والحج والبيوع في ثلاثة مواضع والنبوة والدعاء والهبة والجهاد والأشربة، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها اثنا عشر بابًا تقريبًا (عن عمير بن هانئ) العنسي أبي الوليد الدّمشقيُّ ثقة من كبار الرابعة وتقدم البسط في ترجمته قريبًا وأن المؤلف روى عنه في بابين فقط، وغرض المؤلف بسوق هذا السند بيان متابعة الأوزاعي لابن جابر في رواية هذا الحديث عن عُمير بن هانئ، والجار والمجرور في قوله (في هذا الإسناد) وكذا في قوله (بمثله) متعلق بما عمل في المتابع بكسر الباء، ولفظة (في) في قوله (في هذا الإسناد) بمعنى الباء التي للتعدية، وعدل إليها فرارًا من تعلق حرفي جر متماثلين في اللفظ والمعنى بعامل واحد لو قال (بهذا الإسناد بمثله)، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابَع الذي هو ابن جابر، وهو التَّابعي والصحابي، والضمير في (بمثله) عائد إلى المتابَع بفتح الباء المذكور في السند السابق كما هو القاعدة المقررة في اصطلاحات مسلم وكذا في غيره، وهو ابن جابر والمعنى وحدثنا الأوزاعي بهذا الإسناد عن عمير بن هانئ بمثل ما حدث ابن جابر عن عمير بن هانئ، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأوَّل لأنَّ الأوزاعي أوثق من ابن جابر مع بيان محل اختلافهما في المتن، وهذا السند أيضًا من سداسياته ورجاله كلهم شاميون إلَّا أحمد بن إبراهيم فإنَّه دورقي.
وتقدم لك أن المثل عبارة عن الحديث اللاحق الموافق للسابق في جميع لفظه ومعناه إلَّا فيما استثنى بنحو قوله (غير أنَّه) أي لكن أن الأوزاعي (قال) في روايته لهذا الحديث (أدخله) أي أدخل (الله) سبحانه ذلك القائل (الجنَّة) دار الكرامة (على ما كان) أي مع ما وقع وحصل منه (من عمل) أي سواء كان عمله صالحًا أو سيئًا، أو سواء كان عمله الصالح قليلًا أو كثيرًا (ولم يذكر) الأوزاعي في روايته لفظة (من أي أبواب الجنَّة شاء) كما ذكره ابن جابر.
قال القرطبي: قوله (على ما كان من عمل) أي يُدخله الجنَّة ولا بد سواء كان عمله صالحًا أو سيئًا وذلك بأن يغفر له السيء بسبب هذه الأقوال أو يربي ثوابها على ذلك