أي بالشيء الذي أخذه يوم القيامة حالة كونه (يحمله على عنقه) فضيحة له على رؤوس الأشهاد فالمحمول له إمَّا (بعير له رغاء) والرغاء بوزن الغراب صوت الإبل أي صوت إن كان المأخوذ له بعيرًا (أو بقرة لها خوار) إن كان المأخوذ له بقرة والخوار بضم الخاء المعجمة وتخفيف الواو هو صوت البقرة (أو شاة تيعر) أي تصيح إن كان المأخوذ له شاة وقوله تيعر بوزن تسمع وتضرب أي تصيح وتصوت صوتًا شديدًا وهو فعل من اليُعار بوزن الغراب وهو الصوت الشديد للشاة والعنزة وفي بعض الرِّواية أو شاة يعار (ثم رفع) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (يديه) رفعًا بليغًا (حتَّى رأينا عفرتي إبطيه) بالتثنية فيهما والعفرة بضم العين المهملة وسكون الفاء وفتح الراء بياض الإبط المشوب بالسمرة والإبط الموضع المنخفض تحت الكتف أي حتَّى رأينا لمبالغة رفعه بياض إبطيه قال الأصمعي وآخرون عفرة الإبط هي البياض ليس بالناصع بل فيه شيء كون الأرض قالوا وهو مأخوذٌ من عفر الأرض وهو وجهها (ثم) بعد رفع يديه (قال) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: (اللَّهم هل بلغت) يا رب ما أمرتني بتبليغه إليهم استفهام تقريري قالها (مرتين) والمعنى بلغت حكم الله إليكم امتثالًا لقوله تعالى له: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ} وإشارة إلى ما يقع في القيامة من سؤال الأمم هل بلغهم أنبياؤهم ما أرسلوا به إليهم قاله الحافظ اهـ من العون.
قال النووي في هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول لأنَّ من قبلها يكون قد خان في ولايته وأمانته ولهذ ذكر في عقوبته حمله ما أهدي إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في المال وقد بين صَلَّى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية وأنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير الولاة فإنها مستحبة وفي الحديث من الفوائد أن الإمام يخطب في الأمور المهمة واستعمال أما بعد في الخطبة كما وقع في رواية آتية ومشروعية محاسبة المؤتمن وفيه على أن من رأى متاولًا أخطأ في تأويل يضر من أخذ به أن يشهر القول للنَّاس ويبين خطأه ليحذر من الاغترار به وفيه جواز توبيخ المخطئ واستعمال المفضول في الإمارة مع وجود من هو أفضل منه والله أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ [٦٩٧٩]، وأبو داود [٢٩٤٦]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي حميد رضي الله عنه فقال.