للرواية التالية المطلقة بأنهم لا يخرجون منها لو دخلوها وذلك لأن دخول الرجل النار باختيار منه حرام لأنه قتل للنفس بغير حق (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم (للأخرين) الذين أبوا من دخولها (قولًا حسنًا) أي قال لهم أصبتم في امتناعكم من دخولها (وقال) لهم (لا طاعة) لمخلوق (في معصية الله) تعالى (أنما الطاعة) أي إنما وجوب طاعة المخلوق (في المعروف) شرعًا قال في التحفة فيه أن الأمر المطلق لا يعم جميع الأحوال لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطيعوا الأمير فحملوا ذلك على عموم الأحوال حتى حال الغضب وحال الأمر بالمعصية فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن الأمر بطاعته مقصور على ما كان منه في غير معصية اهـ.
قال القرطبي قوله (وقال للآخرين قولًا حسنًا) يدل على مدح المصيب في المجتهدات كما أن القول الأول يدل على ذم المقصر المخطئ وتعصيته مع أنه ما كان تقدم لهم في مثل تلك النازلة نص لكنهم حيث لم ينظروا في قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها المعلومة الجلية (قوله إنما الطاعة في المعروف)(إنما) هذه للتحقيق والحصر فكأنه قال لا تكون الطاعة إلا في المعروف ويعني بالمعروف هنا ما ليس بمنكر ولا معصية فيدخل فيها الطاعات الواجبة والمندوب إليها والأمور الجائزة شرعًا فلو أمر بجائز لصارت طاعته فيه واجبة ولما حلت مخالفته فلو أمر بما زجر الشرع عنه زجر تنزيه لا تحريم فهذا مشكل والأظهر جواز المخالفة تمسكًا بقوله إنما الطاعة في المعروف وهذا ليس بمعروف إلا أن يخاف على نفسه منه فله أن يمتثل والله تعالى أعلم اهـ مفهم.
قوله أولًا (بعث جيشًا) وكان سبب ذلك على ما ذكره ابن سعد أنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن ناسًا من الحبشة تراآهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ربيع الآخر في سنة تسع في ثلاثمائة فانتهى إلى جزيرة إلى البحر فلما خاض البحر إليهم هربوا فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم فأمر عبد الله بن حذافة على من تعجل وذكر ابن إسحاق أن هذه القصة أن وقاص بن مجزز كان قتل يوم ذي قرد فأراد علقمة بن مجزز أن يأخذ بثأره فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السرية راجع فتح الباري [٨/ ٥٩] قوله (وأمَّر عليهم رجلًا) هو عبد الله بن حذافة كما مر وتفصيل القصة ما أخرجه ابن ماجه في الجهاد باب لا طاعة في معصية [٢٨٩٣] عن أبي سعيد الخدري