والرسل لأن الرسول نبي وزيادة وقد جاء نصًّا في كتاب الترمذي قوله لا نبي بعدي ولا رسول وقد قال الله تعالى:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب / ٤٠] ومن أسمائه في الكتب القديمة وفيما أطلقته هذه الأمة خاتم الأنبياء ومما سمى به نفسه العاقب والمقفي فالعاقب هو الذي يعقب الأنبياء والمقفي هو الذي يقفوهم أي يكون بعدهم وعلى الجملة هو أمر مجمع عليه معلوم من دين هذه الملة فمن ادعى أن بعده نبيًّا أو رسولًا فإن كان مسرًا لذلك واطلع عليه بالشهادة المعتبرة قتل قتلة زنديق فإن صرح بذلك فهو مرتد يستتاب فإن تاب فذلك وإلا قتل قتلة مرتد فيسبى ماله وقوله (وستكون خلفاء فتكثر) هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن غيب وقع على نحو ما أخبر به ووجد كذلك في غير ما وقت فمن ذلك مبايعة الناس لابن الزبير بمكة ولمروان بن هشام ولبني العباس بالعراق ولبني مروان بالأندلس ولبني عبيد بمصر ثم لبني عبد المؤمن بالمغرب وقوله (فوا بيعة الأول فالأول) دليل على وجوب الوفاء ببيعة الأول وسكت في هذا الحديث عما يحكم به على الآخر وقد نص عليه في الحديث الآتي حيث قال فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر وفي رواية فاضربوه بالسيف كائنًا من كان وهذا الحكم مجمع عليه عند تقارب الأقطار وإمكان استقلال واحد بأمور المسلمين وضبطها وأما لو تباعدت الأقطار وخيف ضيعة البعيد من المسلمين ولم يتمكن الواحد من ضبط أمور من بعد عنه فقد ذكر بعض الأصوليين أنهم يقيمون لأنفسهم واليًا يدبرهم ويستقل بأمورهم وقد ذكر أن ذلك مذهب الشافعي في الأم.
(قلت): ويمكن أن يقال إنهم يقيمون من يدبر أمورهم على جهة النيابة عن الإمام الأعظم لا أنهم يخلعون الإمام المتقدم حكمًا ويولون هذا بنفسه مستقلًا هذا ما لا يوجد نصًّا عن أحد ممن يعتبر قوله والذي يمكن أن يفعل مثل هذا إذا تعذر الوصول إلى الإمام الأعظم أن يقيموا لأنفسهم من يدبرهم ممن يعترف للإمام الأعظم بالسمع والطاعة فمتى أمكنهم الوصول إلى الإمام فالأمر له في إبقاء ذلك أو عزله ثم للإمام أن يفوض لأهل الأقاليم البعيدة التفويض العام ويجعل للوالي عليهم الاستقلال بالأمور كلها لتعذر المراجعة عليهم كما قد اتفق لأهل الأندلس وأقصى بلاد العجم فأما لو عقدت البيعة لإمامين معًا في وقت واحد في بلدين متقاربين فالإمامة لأرجحهما وهل قرابة أحدهما من الإمام المتوفى موجبة للرجحان أم لا اختلفوا فيه فمنهم من قال يقدم الأقرب به نسبًا