للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ. فَجَاءَنَا اللهُ بِهذَا الْخَيرِ. فَهَلْ بَعْدَ هذَا الْخَيرِ شَرٌّ؟ قَال: "نَعَمْ" فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيرٍ؟ قَال: "نَعَمْ. وَفِيهِ دَخَنٌ" قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟

ــ

الحال وتظهر الفتن كما اتفق وفيه دليل على فرض المسائل والكلام عليها قبل وقوعها إذا خيف موت العالم اهـ من المفهم.

(فقلت: يا رسول الله إنا كنا) في حياتنا الأولى (في جاهلية وشر) أي في ضلالة وشرك (فجاءنا الله) سبحانه وتعالى (بهذا الخير) العظيم يعني به الإسلام والأمن وصلاح الحال واجتناب الفواحش وما يتصل به من الخصال والعقائد والأفعال الحسنة (فهل بعد هذا الخير شر قال نعم) يعني به الفتن الطارئة بعد انقراض زمان الخليفتين والصدر من زمان عثمان (فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير قال نعم) بعده خير (و) لكن (فيه) أي في ذلك الخير الذي بعد الشر (دخن) بفتحتين أي فساد باطن والدخن في الأصل مصدر دخنت النار على وزن علمت إذا ألقي عليها حطب رطب فكثر دخانها أو أن يكون في لون الدابة كدورة إلى سواد ويستعمل في الفساد الباطن وهو المراد هنا والحق يشير إلى أن الخير الذي بعد الشر لا يكون خيرًا خالصًا بل فيه كدر وقيل: المراد بالدخن الدخان ويشير بذلك إلى كدر الحال وقيل: الدخن كل أمر مكروه.

قال القرطبي: والأولى أن الإشارة بذلك الخير إلى مدة خلافة معاوية فإنها كانت تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وهي مدة الهدنة التي كان فيها الدخن لأنه لما بايع الحسن معاوية واجتمع الناس عليه كره ذلك كثير من الناس بقلوبهم وبقيت الكراهة فيهم ولم تمكنهم المخالفة في مدة معاوية ولا إظهارها إلى زمن يزيد بن معاوية فأظهره كثير من الناس ومدة خلافة معاوية كان الشر فيها قليلًا والخير غالبًا فعليهم يصدق قوله صلى الله عليه وسلم تعرف منهم وتنكر وأما خلافة ابنه أول الشر الثالث فيزيد وأكثر ولاته ومن بعده خلفاء بني أمية هم الذين يصدق عليهم أنهم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها فإنهم لم يسيروا بالسواء ولا عدلوا في القضاء يدل على ذلك تصفح أخبارهم ومطالعة سيرهم ولا يعترض على هذا بمدة خلافة عمر بن عبد العزيز بأنها كانت خلافة عدل لقصرها وندورها في بني أمية فقد كانت سنتين وخمسة أشهر فكأن هذا الحديث لم يتعرض لها والله تعالى أعلم اهـ من المفهم قال حذيفة (قلت وما دخنه) أي وما فساد

<<  <  ج: ص:  >  >>