أهلها على أمر مجهول لا يعرف أنه حق أو باطل يدعون الناس إليه ويقاتلون لأجله من غير بصيرة فيه ولا حجة عليه حالة كونه (يغضب لعصبة) أي لأهل قبيلته أو أهل وطنه أو أهل لسانه من غير أن ينظر إلى من معه الحق أي يغضب لأجل مظلمتهم (أو) حالة كونه (يدعو) غيره (إلى) نصر (عصبة) وقبيلة له (أو) حالة كونه (ينصر عصبة) له بقتاله قال النووي: عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب سموا بذلك لأنهم يعصبونه أي يحيطون به عند الشدائد كإحاطة العصابة بالرأس ويعتصب بهم أي يشتد بهم على أعدائه والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره إلى ذلك لا لنصرة الحق والدين بل لمحض التعصب لقومه ولهواه كما يقاتل أهل الجاهلية فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية والوطنية والجنسية (فقتل) لأجل ذلك بالبناء للمجهول (فقتله) خبر المحذوف وقوله (جاهلية) صفة لقتلة والقتلة بكسر القاف اسم هيئة من القتل والمراد من القتلة الهيئة التي يكون عليها الإنسان عند القتل والتقدير فقتلته كقتلة أهل الجاهلية والمعنى من قاتل عصبية فمات وهو على ذلك مات على هيئة كانت الجاهلية تموت عليها في كونهم يقاتلون للعصبة لا للحق.
(ومن خرج) من الجماعة المنتظمة المسلمة حالة كونه جانبًا ومتعديًا (على) أفراد (أمتي) حالة كونه يضرب ويقتل ويؤذي (برها) أي تقيها (وفاجرها) أي عاصيها والبر هنا التقي المجتنب للمناهي والفاجر المنبعث في المعاصي وفيه دليل على أن ارتكاب المعاصي والفجور لا يخرج من الأمة اهـ مفهم أي لا يبالي بما يفعل فهو يوقع أذاه على من تمكن منه بدون تفرقة بين تقي وشقي وقد أكد هذا المعنى بقوله (ولا يتحاش) أي والحال أنه لا يتحاشى أي لا يستحي (من) قتل (مؤمنها) أي لا يأبه به ولا يقدر له ولا يكترث بما يفعله به ولا يتباعد عن إيذائه وأصل التحاشي التباعد والتنحي عن الشيء مأخوذ من حاشية الشيء وجانبه وهي ناحيته والمراد أنه لا يكترث ولا يبالي في قتل المؤمنين وهو في الرواية التالية وفي بعض النسخ لهذه الرواية مرسوم بالياء وفي بعضها بدونها وكلاهما صحيح وحذفت الألف المقصورة ها هنا للتخفيف.
(ولا يفي لذي عهد) وبيعة يعني الإمام (عهده) أي بيعته بالسمع والطاعة قال