للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويُصَلُّونَ عَلَيكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيهِمْ. وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبغِضُونَهُمْ وَيُبغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيفِ؟ فَقَال: "لَا. مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاة وَإِذَا رَأَيتُمْ مِنْ وُلاتِكُمْ شَيئًا تَكرَهُونَهُ، فَاكرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ"

ــ

يرون آثار عدلهم بادية عليكم ونتائج أعمالهم الصالحة ظاهرة فيكم ومن شأن الإنسان أن يحب مشاهدة آثار نفسه فيحب من تجلى فيه تلك الآثار لأن ظهورها وبقاءها به وببقائه (ويصلون عليكم وتصلون عليهم) والمراد بالصلاة هنا الدعاء قال الأبي ويدل عليه قوله في قسيمه (وتلعنونهم ويلعنونكم) أي يدعون لكم وتدعون لهم وقيل المراد يصلون عليكم إذا متم وتصلون عليهم إذا ماتوا ورجحه الطيبي فالمعنى تحبونهم ويحبونكم ما دمتم أحياء فإذا جاء الموت ترحم بعضكم على بعض وذكر بعضكم بعضًا بخير اهـ (وشرار أئمتكم) أي خبائثهم وأرذالهم هم (الذين تبغضونهم) بضم التاء من أبغض الرباعي أي تمقتونهم وتسخطونهم لظلمهم وجورهم وفسقهم (ويبغضونكم) أي يمقتونكم لعدم سمعكم وطاعتكم إياهم في المعاصي (وتلعنونهم) لظلمهم وفسقهم (ويلعنونكم) أي لمخالفتكم إياهم في المعاصي قال في النهاية وأصل اللعن الطرد والإبعاد من الله ومن الخلق السب والدعاء أي يسبونكم لعدم السمع والطاعة في المعاصي وتسبونهم لجورهم وفسقهم (قيل) له صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله أ) نتركهم على حالهم (فلا ننابذهم) ونفارقهم مخالفةً وعداوةً لهم ونجاهرهم ونتصدى لهم إلى محاربتهم بالسيف والمعنى أفلا نجاهرهم بالحرب ونكاشفهم إياها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا) تنابذوهم ولا تجاهروهم بالسيف (ما أقاموا فيكم الصلاة) أي مدة إقامتهم الصلاة فيما بينكم لأنها علامة اجتماع الكلمة وفي المرقاة قال الطيبي فيه إشعار بتعظيم أمر الصلاة وإن تركها موجب لنزع اليد عن الطاعة أي لنقض العهد وفسخ البيعة (وإذا رأيتم من ولاتكم) وأئمتكم (شيئًا تكرهونه) شرعًا كالزنا وشرب الخمر أو لحظوظ أنفسكم كالجور وعدم التسوية بينكم (فاكرهوا عمله) أي عمل ذلك الشيء أي عملهم لذلك الشيء (ولا تنزعوا يدًا) لكم (من طاعة) لهم ما لم يأمركم بمعصية وفيه النهي عن الخروج على الأمراء الفاسقين.

قال القرطبي قوله (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم) أي تدعون لهم في المعونة على القيام بالحق والعدل ويدعون لكم في الهداية

<<  <  ج: ص:  >  >>