للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّيثِيُّ؛ أَنّهُ حَدَّثَهُمْ قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْهِجْرَةِ؟ فَقَال: "وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ لَشَدِيدٌ. فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَال: نَعَمْ. قَال: "فَهَلْ تُؤتِي صَدَقَتَهَا؟ " قَال: نَعَمْ. قَال: "فَاعْمَلْ مِنْ ورَاءَ الْبِحَارِ. فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيئًا"

ــ

الليثي) الجدعي بضم الجيم أبو يزيد المدني ثقة، من (٣) (أنه) أي أن عطاء بن يزيد حدثهم أي حدث للزهري ومن معه (قال) عطاء في تحديثهم: (حدثني أبو سعيد الخدري) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (أن أعرابيًّا) أي أن شخصًا من سكان البوادي ولم أر من ذكر اسمه (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) شأن (الهجرة) والمراد بالهجرة التي سأل عنها هذا الأعرابي مفارقة الأهل والوطن وسكنى المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم كأنه أراد ذلك وأحبه أفاده النووي (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويحك) ويح كلمة ترحم وتوجع أي ألزمك الله الرحمة وقد تأتي بمعنى المدح والتعجب (إن شأن الهجرة لشديد) أي إن أمرها صعب وشروطها عظيمة وسؤال هذا الأعرابي عن الهجرة إنما كان عن وجوبها فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن شأنها لشديد ثم أخبره بعد ذلك بما يدل على أنه ليست واجبة عليه اهـ مفهم يعني إن أمرها شاق يوشك أن لا تطيقه قاله صلى الله عليه وسلم إشفاقًا على الأعرابي ورحمةً له وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا (فهل لك من إبل قال) الأعرابي: (نعم) فـ (ـقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهل تؤتي) أي تؤدي وتدفع (صدقتها) أي زكاتها إلى مستحقها (قال) الأعرابي: (نعم) أدفع زكاتها فـ (ـقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فاعمل) عبادة ربك واعبده في وطنك ولو كان وطنك من وراء البحار أي وراء القرى بعيدًا عنها والبحار هنا جمع بحرة أو بحيرة وهي القرية أو البلدة قال في النهاية والعرب تسمي المدن والقرى البحار أي اعمل بالخير في وطنك أي في البادية والمعنى افعل الخير حيثما كنت فهو ينفعك ففيه حسن ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم حين علم أنه لا يقدر على الهجرة أرشده إلى عمل صالح غيرها ويؤخذ منه أن الشيخ أو كبير القوم إذا رأى أحدًا يعجز عن عمل ينبغي له أن يدله على ما هو أيسر عليه (فإن الله) سبحانه وتعالى (لن يترك) بفتح الياء وكسر التاء نظير يعدك مضارع من الوتر وهو النقص والمعنى أن الله تعالى لا ينقص (من) أجر (عملك شيئًا) قليلًا ولا كثيرًا بسبب ترك الهجرة قال

<<  <  ج: ص:  >  >>