للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: فَأَعَادُوا عَلَيهِ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا. كُلُّ ذلِكَ يَقُولُ: "لَا تَستَطِيعُونَهُ". وَقَال فِي الثالِثَةِ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ الله. لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاصلاة. حَتَّى يَرجِعَ المجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله تَعَالى"

ــ

تستطيعون القيام بها لأنها كثيرة شاقة وقوله (لا تستطيعوه) هكذا هو في أكثر النسخ بحذف النون من غير جازم ولا ناصب وهي لغة فصيحة كما بيانها مرارًا وفي بعضها لا تستطيعونه بإثبات النون على اللغة المشهورة والأولى أيضًا صحيحة (قال) أبو هريرة: (فأعادوا عليه) صلى الله عليه وسلم السؤال (مرتين أو ثلاثًا كل ذلك) بالرفع على عامة النسخ أي كل ذلك السؤال المتكرر ويجوز نصبه على الظرفية أي في كل ذلك المذكور من المرات (يقول) في جوابه (لا تستطيعونه) أي لا تستطيعون القيام بذلك المعادل لأنه كثير شاق (وقال) في جوابهم (في) المرة (الثالثة) أو الثانية (مثل المجاهد في سبيل الله) وطاعته لإعلاء كلمة الله وطلب مرضاته أي صفته في الأجر الكثير والفضل الكبير (كمثل الصائم) جميع نهاره (القائم) جميع ليله بالصلاة (القانت) أي القارئ (بآيات الله) القرآنية آناء الليل والنهار أو المطيع المتمسك بها بامتثال مأموراتها واجتناب منهياتها (لا يفتر) ولا يترك شيئًا (من صيام ولاصلاة) ولا يقطعه في ساعاته ولا لحظاته (حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى) من الغزو إلى وطنه.

يعني أن من لم يوفق للخروج إلى الجهاد ويريد أن ينال مثل ثواب المجاهد فعليه أن يصوم نهاره ويقوم ليله ويداوم على الطاعة لا يفتر عن ذلك شيئًا والقنوت يطلق على معان فيطلق على السكوت وعليه جاء حديث زيد بن أرقم (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فقوموا لله قانتين فأمسكنا عن الكلام) في الصلاة ويطلق على الخشوع وعلى الطاعة ونحوها قوله (حتى يرجع المجاهد) أي يواظب ويداوم على هذه الحال لا يقصر فيها ولا يفتر عنها لحظة إلى أن يعود المجاهد ولا ريب أن هذه الحال لا يستطيعها بشر وهو معنى قوله لا تستطيعونه لما سألوا عما يعادل الجهاد في ثوابه وفضيلته اهـ ذهني وزاد النسائي من هذا الوجه (الخاشع الراكع الساجد) وفي الموطأ وابن حبان (كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع) ولأحمد والبزار من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله) وشبه حال الصائم القائم بحال المجاهد في سبيل الله في نيل الثواب في كل حركة وسكون لأن المراد من الصائم القائم من لا يفتر ساعةً من العبادة فأجره مستمر وكذلك المجاهد لا

<<  <  ج: ص:  >  >>