أوصلتنا إليه من الكرامة والمنزلة الرفيعة (ورضيت عنا) أي أحللتنا محل من ترضى عنه فأكرم غاية الإكرام وأحسن إليه غاية الإحسان وعلى هذا فيكون رضا الله تعالى من صفات الأفعال ويصح أن يعبر بالرضا في حق الله تعالى عن إرادة الإكرام والإحسان فيكون من صفات الذات اهـ من المفهم والقول الصحيح السليم الذي عليه السلف الأعلم أن يقال إن الرضا صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (قال) ثابت عن أنس (وأتى رجل) من المشركين (حراما) بن ملحان (خال أنس) بن مالك (من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه) أي حتى أنفذ وأخرج ذلك الرجل رمحه من قدامه (فقال حرام) بن ملحان حينما طعنه الرجل (فزت) وظفرت بالشهادة (ورب الكعبة) أي أقسمت برب الكعبة ومالكها لقد فزت بما أعد الله للشهداء وظاهره أنه عاين منزلته في الجنة في تلك الحالة ويحتمل أن يقول ذلك محققًا لوعد الله ورسوله الحق الصادق فصار كأنه عاين والله تعالى أعلم اهـ من المفهم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه) الذين معه في المدينة (إن إخوانكم) القراء (قد قتلوا وإنهم قالوا) لربهم (اللهم بلغ) أي أخبر (عنا نبينا أنا قد لقيناك) يا ربنا (فرضينا عنك ورضيت عنا) وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع منها في الجهاد (٢٨٠١) وفي المغازي (٤٠٨٨ و ٤٠٩٢) وحاصل قصتهم على ما ذكره ابن إسحاق أنه قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام وقال يا محمد لو بعثت رجالًا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخشى عليهم أهل نجد قال أبو براء أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو وأخا بني ساعدة في أربعين رجلًا من أصحابه من خيار المسلمين فساروا حتى نزلوا بئر معونة وهي بين