للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى

ــ

من كتابه قال الحفاظ ولم يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر بن الخطاب ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص ولا من علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي ولا عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري وعن يحيى انتشر فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة ولهذا قال الأئمة ليس هو متواترًا وإن كان مشهورًا عند الخاصة والعامة لأنه فقد شرط التواتر في أوله و (النية) كما فسرها البيضاوي عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقًا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالًا أو مآلًا والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء الله تعالى وامتثال حكمه والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر فإنه تفصيل لما أجمل ولفظة إنما موضوعة للحصر تثبت المذكور وتنفي ما سواه فتقدير هذا الحديث أن الأعمال تحسب إذا كانت نية ولا تحسب إذا كانت بلا نية والمعنى إنما الأعمال تثاب بالنية فلا يثاب الرجل على عمل صالح إلا إذا أراد به وجه الله والمراد من الأعمال الأعمال المشروعة كما دل عليه تمثيلها بالهجرة فالأعمال غير المشروعة لا يثاب عليها وإن باشرها المرء بنية صالحة أما الأعمال المشروعة سواء كانت واجبة أو مسنونة أو مباحة فيؤجر عليها بحسب النية فالأمور المباحة لا ثواب عليها ولا عقاب ولكن إذا أتى بها الإنسان بنية حسنة أثيب عليها مثل أكل الطعام فإنه مباح ولكن إذا أكل الرجل بنية التقوي على الحسنات أثيب عليه أيضًا.

ومقصود الحديث التأكيد على إخلاص الأعمال الصالحة لله وتطهيرها من شوائب الرياء والسمعة والأغراض الدنيوية وقد أطال العلماء رحمهم الله تعالى الكلام في بيان حقيقة النية والإخلاص وأحكام ما يشوبها من الشوائب (وإنما لامرئ ما نوى) أي جزاء ما نواه قال النووي قال العلماء فائدة ذكره بعد قوله إنما الأعمال بالنية بيان أن تعيين المنوي شرط فلو كان على الإنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهرًا أو غيرها ولولا اللفظ الثاني لاقتض الأول صحة النية بلا تعيين أو أوهم ذلك اهـ وذكر السمعاني في أماليه ما يفيد أن اللفظ الأول يعني قوله إنما الأعمال بالنية ينبيء عن اشتراط الإخلاص في ثواب الطاعات واللفظ الثاني يعني قوله (وإنما لكل امرئ ما نوى) لبيان أن الأعمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>