للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَادَ إِسْحَاقُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي حَدِيثِهِمَا: قَال الزُّهْرِيُّ: وَلَمْ نَسْمَعْ بِهذَا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ

ــ

والسر في تحريم هذه السباع أن طبيعتها مذمومة شرعًا فيخشى أن يتولد من أكل لحمها في الإنسان سيئ طباعها فيحرم إكرامًا لبني آدم كما أنه يحل ما أكل إكرامًا اهـ رد المختار (٦/ ٤ و ٣).

تنبيه: إنما عدل القائلون بالكراهة عن ظاهر التحريم المتقدم لأنهم اعتقدوا معارضة بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: ١٤٥] ووجه ذلك أنهم حملوا قوله {فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} على عموم وحي القرآن والسنة وقالوا إن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة في حجة الوداع فهي متأخرة عن تلك الأحاديث والحصر فيها ظاهر فالأخذ بها أولى لأنها إما ناسخة لما تقدمها أو راجحة على تلك الأحاديث وأما القائلون بالتحريم فظهر لهم وثبت عندهم أن سورة الأنعام مكية نزلت قبل الهجرة وأن هذه الآية قصد بها الرد على الجاهلية في تحريمهم البحرية والسائبة والوصيلة والحامي ولم يكن في ذلك الوقت محرم في الشريعة إلا ما ذكره في الآية ثم بعد ذلك حرم أمورًا كثيرة كالحمر الإنسية والبغال وغيرها كما رواه الترمذي عن جابر قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية ولحوم البغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير رواه أبو داود (١٤٧٨) وذكر أبو داود عن جابر أيضًا قال ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل رواه (٣٧٨٩).

"قلت" والصحيح ما ذهب إليه الجمهور والله أعلم (زاد إسحاق وابن أبي عمر في حديثهما) أي في روايتهما قال ابن عيينة (قال) لنا (الزهري ولم نسمع بهذا) الحديث (حتى قدمنا الشام) وسمعناه من أبي إدريس الخولاني وكان من فقهاء الشام يعني لم نسمع هذا من علمائنا بالحجاز حتى قدمنا الشام فسمعناه منه وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٤/ ١٩٤) والبخاري (٥٥٣٠) وأبو داود (٣٨٠٢) والترمذي (١٤٧٧) والنسائي (٧/ ٢٠٠) وابن ماجه (٣٢٣٢) ثم ذكر المتابعة فيه فقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>