(فأغلوا بها القدور) أي أوقدوا عليها القدور (فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم بإراقة ما فيها من اللحوم (فكفئت) تلك القدور بالبناء للمجهول أي قلبت وأريق ما فيها وهذه الرواية الصحيحة يقال كفأت الإناء قلبته وكببته وزعم ابن الأعرابي أن أكفأته لغة فيه.
واختلفوا في سبب أمره صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور فقيل فيه أقوال كثيرة أشبهها قولان أحدهما أنهم انتهبوها متملكين لها من غير قسمة ولم يأخذوها بجهة القسمة العادلة وعلى وجه الحاجة لأكلها ويشهد لهذا قوله في بعض الروايات "فانتهباها" ثانيهما أن ذلك إنما كان لتركهم النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات القوم واستعجالهم للنهب ولم يخافوا من مكيدة العدو فحرمهم الشرع ما استعجلوه عقوبة لهم بنقيض قصدهم كما منع القاتل من الميراث قاله المهلبي قلت ويشهد لهذا التأويل مساق حديث أبي داود فإنه قال فيه "وتقدم سرعان الناس فتعجلوا فأصابوا من الغنائم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الناس" رواه أبو داود برقم (٢٨٢١). (ثم) قسم صلى الله عليه وسلم باقي الغنيمة بينهم فـ (ـعدل) أي قوم (عشرًا من الغنم) لكونها غير نفيسة (بجزور) أي ببعير واحد لنفاسته يعني أنه صلى الله عليه وسلم قسم ما بقي من الغنيمة على الغانمين فجعل عشرة من الغنم بإزاء جزور ولم يحتج إلى القرعة لرضا كل منهم بما صار إليه من ذلك ولم يكن بينهم تشاح في شيء من ذلك والله تعالى أعلم وكأن هذه الغنيمة لم يكن فيها إلا الإبل والغنم ولو كان فيها غيرهما لقوم جميع الغنيمة ولقسم على القيم اهـ من المفهم قلت وهذا محمول على أن هذه الغنيمة كانت الإبل فيها نفيسة دون الغنم بحيث كانت قيمة البعير الواحد عشر شياه فلا يكون ما هنا مخالفًا لقاعدة الشرع في باب الأضحية من إقامة البعير مقام سبع شياه لأن هذا هو الغالب في قيمة الشياه والإبل المعتدلة وأما هذه القسمة فكانت قضية اتفق فيها ما ذكرناه من نفاسة الإبل دون الغنم وفيه أن قسمة الغنيمة لا يشترط فيها قسمة كل نوع على حدة والله أعلم (وذكر) وكيع (باقي الحديث كنحو حديث يحيى بن سعيد) القطان والكاف فيه زائدة ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال.