في جواب النفي، والتقدير لا يكون شهادة أحد أن لا إله إلا الله فدخوله النار (أو) قال فـ (ـتطعمه) النار وتأكله، فأو للشك من الراوي وقوله "فيدخل النار" هو موضع الترجمة من الحديث من الحكم على الظاهر وحسن الظن بكمال إيمانه وصحة إسلامه، لا يدخلها أصلًا إن لم تكن عليه كبائر أو تاب عنها أو عفا الله عنه بحق الشهادتين أو لا يدخلها دخول الخلود، وكذلك تأويل اللفظ الآخر "فتطعمه النار" أو فتطعم جميعه، لما جاء أن أهل التوحيد لا تأكل النار جملة أجسادهم وأنها تتحاشى عن مواضع سجودهم وقلوبهم ودارات وجوههم ومواضع من أجسادهم كما رواه أحمد في المسند بلفظ "فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، وابن ماجه بلفظ "تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود".
(قال أنس) بن مالك راوي الحديث (فأعجبني) أي أحبني وأعشقني (هذا الحديث فقلت لابني) لم أر من ذكر وعيَّن اسمه (اكتبه) أي اكتب لي هذا الحديث يا ولدي ليكون محفوظًا مصونًا عندي (فكتبه) لي ولدي فكان مصونًا عندي.
قال النواوي: وفي هذا الحديث فوائد من العلم تقدم كثير منها فمنها التبرك بآثار الصالحين، قال الأبي: يُريد لأن الأصل التأسي وإلا فلا مساواة اهـ. ومنها زيارة العلماء والفضلاء والكبراء أتباعهم وتبريكهم إياهم، ومنها جواز استدعاء المفضول للفاضل لمصلحة تعرض ومنها جواز الجماعة في صلاة النافلة لأنه ورد في الحديث من طرق كثيرة أنه أم أهل الدار فلعل حديثهم كان في صلاة أخرى غير التي أثمَ فيها أوفيها، وكان المتحدثون غير متوضئين، ومنها أن السنة في نوافل النهار ركعتان كالليل، ومنها جواز الكلام والتحدث بحضرة المصلين ما لم يشغلهم ويدخل عليهم لبسًا في صلاتهم أو نحوه، ومنها جواز إمامة الزائر المزور برضاه، ومنها ذكر من يُتهم بريبة أو نحوها للأئمة وغيرهم ليتحرز منه ومنها جواز كتابة الحديث وغيره من العلوم الشرعية لقول أنس لابنه اكتبه بل هي مستحبة، وجاء في الحديث النهي عن كتب الحديث، وجاء الإذن فيه فقيل: كان النهي لمن خيف اتكاله على الكتاب وتفريطه في الحفظ مع تمكنه منه، والإذن لمن لا يتمكن من الحفظ، وقيل: كان النهي أولًا لما خيف اختلاطه بالقرآن والإذن بعده لما أمن من ذلك وكان بين السلف من الصحابة والتابعين خلاف في جواز كتابة الحديث ثم أجمعت الأمة على جوازها واستحبابها والله أعلم، ومنها البداءة بالأهم فالأهم فإنه صلى الله عليه وسلم