الحمدُ لله على جلاله وكماله، والشكر له على نعمه ونواله، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا مثيل له في ذاته ولا شريك له في صفاته ولا معين له في أفعاله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خصَّ من الإرسال الإلهي بعمومه وختامه وكماله ومن الحق المبين بصفوه ولبه وزلاله صلَّى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الهُدَاة المهديين.
أما بعد: فلما فرغت من كتابة المجلد الحادي عشر تفرغت الآن وتصديت لكتابة المجلد الثاني عشر، وأن أتغدَّى فيه بعد ما تفطَّرت في أوائل الكتاب راجيًا من الله سبحانه وتعالى أن أتعشَّى في أواخر الكتاب، وأن أشرب فيه مناهل الشراب بعد ما أكرمني بعلله في أوائله، وما أحسن قول أبي الظهير:
إذا رمت أن تتوخى الهدى ... وأن تأتي الحق من بابه
فدع كل قول ومن قاله ... لقول النَّبِيّ وأصحابه
فلم تنج من محدثات الأمور ... بغير الحديث وأربابه
قال الحافظ ابن عبد البر:
مقالة ذي نصح وذات فوائد ... إذا من ذوي الألباب كان استماعها
عليكم بآثار النَّبِيّ فإنَّها ... منَ أفضل أعمال الرجال اتباعها