للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ. فَقَال: "ادْعُوَا النَّاسَ. وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا" قَال: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفْتِنَا فِي شَرَابَينِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ: الْبِتْعُ، وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ. وَالْمِزْرُ، وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ. قَال: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ فَقَال: "أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاةِ"

ــ

لشعبة بن الحجاج (قال) أبو موسى (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذًا إلى اليمن فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (ادعوا) أمر للمثنى المخاطب أي ادعوا (الناس) إلى توحيد الله وإقام الصلاة (وبشرا) الناس أو المؤمنين بفضل الله تعالى وثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته، وكذا المعنى في قوله (ولا تنفرا) يعني بذكر التخويف وأنواع الوعيد فيتألف من قرب إسلامه بترك التشديد عليهم وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان ومن بلغ وتاب من المعاصي اهـ عيني (ويسرا) أمر من التيسير لا يقال الأمر بالشيء نهي عن ضده فما الفائدة في قوله (ولا تعسرا) لأنا نقول لا نسلم ذلك ولئن سلمنا فالغرض التصريح بما لزم ضمنًا للتأكيد ويقال لو اقتصر على قوله يسرا وهو مطلق لصدق ذلك على من يسر مرة وعسر في معظم الحالات فإذا قال: ولا تعسرا انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع الوجوه اهـ عيني (قال) أبو موسى (فقلت يا رسول الله أفتنا) أي بين لنا حكم الله (في شرابين كلنا نصنعهما باليمن) أهما حلال أم حرام؟ أحدهما (البتع وهو) متخذ (من العسل ينبذ) العسل ويطبخ (حتى يشتد) ويعقد ويغلظ ويسكر (و) ثانيهما (المزر وهو) أي المزر مصنوع (من الذرة والشعير) ونحوهما كالحنطة (ينبذ) في الأواني (حتى يشتد) ويعقد ويغلظ وشكر (قال) أبو موسى (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم) أي الكلمات البليغة الوجيزة الجامعة للمعاني الكثيرة وقد جاء هذا اللفظ ويراد به القرآن في غير هذا الحديث (بخواتمه) أي مع حسن خواتمها ومقاطعها يعني أنه يختم كلامه بمقطع وجيز بليغ كما بدأه بمبدإ وجيز بليغ، ويعني بجملة هذا الكلام والله أعلم أن كلامه من مبدئه إلى خاتمته كله بليغ وجيز ولذلك كانت العرب الفصحاء تقول له ما رأينا الذي هو أفصح منك فيقول وما يمنعني وقد أنزل القرآن بلساني لسان عربي مبين ذكره القاضي عياض في الشفاء [١/ ١٧٧ - ١٧٨] اهـ من المفهم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب استفتائي (أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة) أي صد عنها بما فيه من

<<  <  ج: ص:  >  >>