بأن يجعله منسوبًا إليه لأن التسمية تكون مانعة عنه فيكون كالشيء المحرم عليه، وقيل المراد به تطيير البركة عنه بحيث لا يشبع من أكله كذا قاله الشيخ الكلاباذي، وقال النواوي: الصواب أن يحمل الحديث على ظاهره ويكون الشيطان آكلًا حقيقة لأن النص لما ورد به والعقل لا يحيله لأنه جسم نام حساس متحرك بالإرادة وجب قبوله اهـ مبارق، قال النووي: معنى يستحل يتمكن من أكله ومعناه أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى، وأما إذا لم يشرع فيه أحد فلا يتمكن وإن كان جماعة فذكر اسم الله بعضهم دون بعض لم يتمكن منه اهـ؛ أي يجعل الطعام كالحلال له بسبب (أن لا يذكر اسم الله عليه) أي على الطعام فيتمكن من أكله إذا لم يذكر اسم الله عليه (وإنه) أي وإن الشيطان (جاء بهذه الجارية ليستحل بها) الطعام (فأخذت بيدها) عن الطعام (فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده والدي نفسي بيده) المقدسة (إن يده) الخبيثة (في يدي) هذه (مع يدها) أي مع يدي الجارية، وفي رواية أبي داود (مع يدهما) بالتثنية ورواية الإفراد أيضًا صحيحة، والضمير المؤنث عائد إلى الجارية وإن إثبات يدها لا ينافي يد الأعرابي؛ والمراد أن يد الشيطان مقبوضة بيدي مع يد الجارية والأعرابي، وقال القاضي عياض: إن الوجه التثنية، قال النووي: وفي هذا الحديث فوائد منها جواز الحلف من غير استحلاف، ومنها استحباب التسمية في ابتداء الطعام والشراب، واستحباب جهرها ليسمع غيره وينبهه عليها والجنب والحائض وغيرهما سواء في استحبابها وكذلك إذا ذكرها الناسي يسمي في أثناء أكله ويقول: بسم الله أوله وآخره لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر الله في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره" رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وفي التسمية يكفي أن يقول باسم الله وإن قال بتمامها فهو أحسن كذا قالوا والله أعلم اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ٣٨٣]، وأبو داود [٣٧٦٦].
وقال القرطبي: واختلف فيما جاءت به الآثار الكثيرة من أكل الشيطان فحملها كثير من السلف على الحقيقة إذ لا يحيلها العقل، وهم وإن كانوا أجسامًا لطيفة روحانية فلا