وفيه (فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر فأقبلنا نأكل منها فخطت بيدي في نواحيها وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال:"يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد" ثم أتينا بطبق فيه ألوان التمر أو الرطب شك عبيد الله فجعلت آكل من بين يدي وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق فقال: "يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد" وقد ذكر الترمذي أنه تفرد به العلاء بن الفضل، ولكن قال فيه الذهبي في الميزان [٣/ ١٠٤]: صدوق إن شاء الله.
وبهذا الحديث تبين أيضًا الجواب عما تساءل به الأبي ها هنا بقوله: وانظر هل اختلاف آحاد المصنف الواحد بالجودة بمنزلة اختلاف الأنواع فيجوز أن يأخذ جيدًا من بين يدي غيره. فإن الذي أذن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل من حيث شاء كان تمرًا كله غير أنه كان ألوانًا فظهر أنه يجوز والله سبحانه وتعالى أعلم، قال النووي: وفي هذا الحديث بيان ثلاث سنن من سنن الأكل وهي التسمية والأكل باليمين والأكل مما يليه، قال القرطبي: وفي الحديث تعليم الصبيان ما يحتاجون إليه من أمور الدين وآدابه وهذه الأوامر كلها على الندب لأنها من المحاسن المكملة والمكارم المستحسنة والأصل فيما كان من هذا الباب الترغيب والندب.
وقوله (كل مما يليك) سنة متفق عليها وخلافها مكروه شديد الاستقباح لكن إذا كان الطعام نوعًا وسبب ذلك الاستقباح: أن كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام فأخذ الغير له تعد عليه مع ما في ذلك من تقذر النفوس ما خاضت فيه الأيدي والأصابع، ولما فيه من إظهار الحرص على الطعام والنهم ثم هو سوء أدب من غير فائدة إذا كان الطعام نوعًا واحدًا، وأما إذا اختلفت أنواع الطعام فقد أباح ذلك العلماء إذ ليس فيه شيء من تلك الأمور المستقبحة اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأطعمة رقم [٥٣٧٩ و ٥٣٧٧ و ٥٣٧٨]، وأبو داود في الأطعمة رقم [٣٧٧٧]، والترمذي في الأطعمة [١٨٥٨]، وابن ماجه في الأطعمة [٣٣٠٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما فقال: