والاختناث بخاء معجمة ثم تاء مثناة من فوق ثم نون ثم مثلثة وفسره في الرواية الآتية بقوله (واختناثها أن يقلب رأسها حتى يشرب منه) وأصل هذه الكلمة التكسر والانطواء ومنه سمي الرجل المتشبه بالنساء في طبعه وكلامه وحركاته مخنثًا واتفقوا على أن النهي عن اختناثها نهي تنزيه لا تحريم، ثم قيل سببه أنه لا يؤمن أن يكون في السقاء ما يؤذيه فيدخل جوفه ولا يدري كالعلق ويؤيده ما ذكره الحافظ في الفتح [١٠/ ٩٠] عن مسند ابن أبي شيبة في أول هذا الحديث (شرب رجل من سقاء فانساب في بطنه جنان فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) .. إلخ وكذا أخرجه الإسماعيلي، وقيل سبب النهي أنه يقذره على غيره وقيل إنه ينتنه أو لأنه مستقذر، وقد روى الترمذي وغيره عن كبشة بنت ثابت وهي أخت حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنهما قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من قربة معلقة قائمًا فقمت إلى فيها فقطعته، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقطعها لفم القربة فعلته لوجهين: أحدهما أن تصون موضعًا أصابه فم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبتذل ويمسه كل أحد والثاني أن تحفظه للتبرك به والاستشفاء والله أعلم. فهذا الحديث يدل على أن النهي ليس للتحريم اهـ نووي مع زيادة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأشربة [٥٦٢٥ و ٥٦٢٦]، وأبو داود في الأشربة [٣٧٢٠]، والترمذي في الأشربة [٣٤٦٣].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
٥١٣٦ - (٠٠)(٠٠)(وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) الهذلي (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس لسفيان بن عيينة (أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية) ولف فمها لأجل (أن يشرب من أفواهها).