هنا ولالتماس دعاء أو مساعدة على التسبب في إزالة ذلك العارض فهذا كله ليس بمذموم إنما يذم ما كان تشكيًا وتسخطًا وتجزعًا أه منه.
قال القرطبي: وهذا يدل على شدة حالهم في أول أمرهم وسبب ذلك أن أهل المدينة كانوا في شظفٍ من العيش عندما قدم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم مع المهاجرين وكان المهاجرون فروا بأنفسهم وتركوا أموالهم وديارهم فقدموا فقراء على أهل شدة وحاجة مع أن الأنصار رضي الله عنه واسوهم "فيما كان عندهم" وشركوهم فيما كان لهم ومنحوهم وهادوهم غير أن ذلك ما يسد خلاتهم ولا يرفع فاقاتهم مع إيثارهم الضراء على السراء والفقر على الغنى ولم يزل ذلك دأبهم إلى أن فتح الله عليهم وادي القرى وخيبر وغير ذلك فردوا عليهم منائحهم واستغنوا بما فتح الله عليهم ومع ذلك فلم يزل عيشهم شديدأوجهدهم جهيدًا حتى لقوا الله تعالى مؤثرين بما عنده تعالى صابرين على شدة عيشهم معرضين عن الدنيا وزهرتها ولذاتها مقبلين على الآخرة ونعيمها وكراماتها فحماهم الله تعالى ما رغبوا عنه وأوصلهم إلى ما رغبوا فيه حشرنا الله تعالى في زمرتهم واستعملنا بسنتهم. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوموا) بنا وهذا أمر بالقيام لطلب العيش عند الحاجة وهو دليل على ما رسمناه في الترجمة (فقاموا معه) صلى الله عليه وسلم، هكذا هو في الأصول بضمير الجمع وهو جائز بلا خلاف، ولكن الجمهور يقولون إطلاقه على الاثنين مجاز وآخرون يقولون حقيقة اهـ نووي (فأتى) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي جاء وهما معه (رجلًا من الأنصار) أي بيت رجل من الأنصار، وهذا الرجل الأنصاري هو أبو الهيثم بن التيهان على ما جاء مفسرًا في رواية أخرى، وقيل هو أبو أيوب الأنصاري واسمه مالك بن التيهان بفتح التاء وكسر الياء المشددة كما هو مصرح في رواية مالك والترمذي، وفيه جواز الإدلال على الصاحب الذي يوثق به واستتباع جماعة إلى بيته، وفيه منقبة لأبي الهيثم بن التيهان الأنصاري إذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم أهلًا لذلك وكفى به شرفًا (فهذا هو) أي الرجل الأنصاري (ليس) موجودًا (في بيته) والفاء عاطفة وإذا فجائية، والتقدير فأتى بيت رجل من الأنصار ففاجأه عدم وجدانه في بيته، وفي رواية الترمذي (فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري، وكان رجلًا كثير النخل والشاء ولم يكن له خدم فلم يجدوه فقالوا لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء فلم يلبثوا أن جاء أبو