(قال) الراوي أبو هريرة (فانطلق) الأنصاري من عندهم (فجاءهم بعذق) بكسر العين وسكون الذال أي بغصن من النخل، والعذق من الرطب بمنزلة العنقود من العنب، وقال القرطبي: والعذق بكسر العين الكباسة وهي العرجون، والعذق بفتح العين النخلة وإنما قدم لهم هذه العرجون لأنه الذي تيسر له بغير كلفة لا سيما مع تحققه حاجتهم ولأن فيه ألوانًا من التمر والبسر والرطب فقد يطيب لبعضهم هذا ولبعضهم هذا ولأن الابتداء بما يتفكه به من الحلاوة أولى من حيث إنه أقوى للمعدة؛ لأنه أسرع هضمًا، وفيه دليل على استحباب تقديم أكل الفاكهة على الخبز واللحم وغيرهما (فيه) أي في ذلك العذق (بسر وتمر ورطب فقال) الأنصاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولصاحبيه (كلوا من هذه) الثمار المختلفة الألوان (وأخذ المدية) بضم الميم وسكون الدال أي السكين (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك) منصوب على التحذير بعامل محذوف وجوبًا. لنيابة المعطوف منابه (والحلوب) بفتح الحاء فعول بمعنى مفعول كركوب ونحوه الشاة التي تحلب لبنًا كثيرًا أي باعد نفسك عن ذبح الحلوب ذات اللبن وإنما نهاه عنها لأن ذبحها تضييع للبنها مع أن غير ذات اللبن تتنزل منزلتها عند الضيف ويحصل بها المقصود، وفي رواية الترمذي (لا تذبحن ذات اللبن)(فذبح لهم فأكلوا من) لحم (الشاة ومن) تمر (ذلك العذق) وفيه دليل على جواز جمع طعامين فأكثر على مائدة واحدة (وشربوا) عليه الماء، وفي رواية (حتى شبعوا ورووا) وفيه دليل على جواز الشبع من الحلال وما ورد مما يدل على كراهة الشبع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف إنما ذلك في الشبع المثقل للمعدة المبطيء بصاحبه عن الصلوات والأذكار المضر للإنسان بالتخم وغيرها الذي يفضي صاحبه إلى البطر والأشر والنوم والكسل فهذا هو المكروه، وقد يلحق بالمحرم إذا كثرت آفاته وعمت بلياته والقسطاس المستقيم ما قاله صلى الله عليه وسلم من قوله:"ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" رواه أحمد [٤/ ١٣٣] والترمذي [٢٣٨٠](فلما أن) أن زائدة بعد لما (شبعوا) من الطعام (ورووا)