الأعمش عن أبي حازم) الأعرج التمار سلمة بن دينار المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (ما عاب) أي ما عيب ونقص (رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا) أي حلالًا أما الحرام فكان يعيبه ويذمه وينهى عنه (قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (كان) صلى الله عليه وسلم (إذا اشتهى) وأحب (شيئًا) من الطعام (أكله وإن كرهه تركه) قال النووي: هذا من آداب الطعام المتأكدة، وعيب الطعام كقوله مالح قليل الملح حامض رقيق غليظ غير ناضج ونحو ذلك، وأما حديث ترك الضب فليس هو من عيب الطعام إنما هو إخبار بأن هذا الطعام الخاص لا أشتهيه اهـ نووي، وذكر القاضي أن عدم العيب من آداب الطعام وأنت تعرف أن ترك الأدب مكروه وقد يحرم العيب إذا جعل متعلقه الخلقة وعيب الطعام هو أن يفوت بعض مستحسناته الموجودة في غيره وهو أعم من أن يكون من صنعة أو غير ذلك اهـ أبي، قال العيني: ما عاب طعامًا من الأطعمة المباحة وأما الحرام فكان يذمه ويمنع تناوله وينهى عنه اهـ وفصل بعضهم في ذلك فقال: إن العيب إن كان من جهة الخلقة كره، وإن كان من جهة الصنعة لم يكره، لكن قال الحافظ في الفتح [٩/ ٥٤٨] والذي يظهر التعميم فإن فيه كسر قلب الصانع. قال القرطبي: قوله (ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط) هذا من أحسن آداب الطعام وأهمها وذلك أن الأطعمة كلها نعم الله تعالى وعيب شيء من نعم الله تعالى مخالف للشكر الذي أمر الله تعالى به عليها وعلى هذا فمن استطاب طعامًا فليأكل ويشكر الله تعالى إذ مكنه منه وأوصل منفعته إليه وإن كرهه فليتركه وشكر الله تعالى إذ مكنه منه وأعفاه عنه ثم قد يستطيبه أو يحتاج إليه في وقت فيأكله فتتم عليه النعمة ويسلم ما يناقض الشكر اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأطعمة [٥٤٠٩] وفي غيرها، وأبو داود في الأطعمة [٣٧٦٤]، والترمذي في البر والصلة [٢٠٣١]، وابن ماجه في الأطعمة [٣٣٠٠ و ٣٣٠١].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: