عَنْ أَبِي الْخَيرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ أَنًهُ قَال: أُهْدِيَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حَرِيرٍ. فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا. كَالْكَارِهِ لَهُ. ثُمَّ قَال:"لَا يَنْبَغِي هذَا لِلْمُتَّقِينَ"
ــ
المصري عالمها، ثقة، من (٥) روى عنه في (١١) بابا (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله الحميري اليزني الفقيه المصري، ثقة، من (٣) روى عنه في (٩) أبواب (عن عقبة بن عامر) الجهني المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه روى عنه في (٣) أبواب. وهذا السند من خماسياته (أنه) أي أن عقبة (قال أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير) بفتح الفاء وضمها وهو المعروف وتشديد الراء المضمومة لا غير، وقد تخفف الراء وهو القباء المفرج أي المفتوح من خلف، والذي أهدى له هو أكيدر دومة، وقيل ملك ذي يزن كما في المستدرك اهـ تنبيه المعلم بتصرف (فلبسه) أي فلبس ذلك الفروج النبي صلى الله عليه وسلم (ثم صلى فيه ثم انصرف) وفرغ من الصلاة (فنزعه) أي خلع ذلك الفروج (نزعًا شديدًا) أي بقوة ومبادرة إلى نزعه على خلاف عادته في الرفق والتأني وهذا مما يؤكد أن التحريم إنما وقع حينئذ (كالكاره له ثم قال لا ينبني هذا) أي لبسه (للمتقين) أي للممتثلين أوامر الله ونواهيه، وفي المفهم أي للمؤمنين فإنهم هم الذين خافوا الله تعالى واتقوه بإيمانهم وطاعتهم له اهـ. قال ابن بطال: يمكن أن يكون نزعه لكونه حريرًا صرفًا، ويمكن أن يكون نزعه لأنه من جنس لباس الأعاجم، وقد ورد في حديث ابن عمر "من تشبه بقوم فهو منهم" قال الحافظ بعد نقل كلام ابن بطال: وهذا التردد مبني على تفسير المراد بالمتقين فإن كان المراد به مطلق المؤمن حمل على الأول، وإن كان المراد به قدرًا زائدًا على ذلك حمل على الثاني والله أعلم اهـ. وظاهر هذا الحديث أن لبسه صلى الله عليه وسلم هذا الثوب وصلاته فيه كان قبل تحريم لبس الحرير ويدل على ذلك حديث جابر الذي مر قريبًا: لبس النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قباء من ديباج أهدي له ثم أوشك أن نزعه فأرسل به إلى عمر بن الخطاب فقيل له قد أوشك ما نزعته يا رسول الله فقال: "نهاني عنه جبريل".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الصلاة [٣٧٥] وفي اللباس [٥٨٠١]، والنسائي [٧٢/ ٢]، وأحمد [٤/ ١٤٣].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عقبة رضي الله عنه فقال: