قوله (في القمص الحرير) كذا في جميع النسخ التي بأيدينا بإدخال اللام على الكلمتين وبالجر فيهما ويمكن توجيه الجر في الثاني بأنه بالإضافة على كون اللام زائدة والأول للمشاكلة فلا تمنع الإضافة أو على كونه بدلًا أو عطف بيان من الأول، وذكره النووي في شرحه (في قمص الحرير) على طريق الإضافة وهو واضح لا إشكال فيه، وقوله (في السفر) قيد لا مفهوم له لأن الترخيص سائر مع وجود العلة لا مع وجود السفر أو يقال خرج مخرج الغالب. قوله (من حكة كانت بهما) وسيأتي في رواية همام شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فبين الروايتين معارضة قلنا لا معارضة لأنه يمكن أن تكون الحكة بسبب القمل فذكر هنا المسبب وهناك السبب، والحكة هي الجرب اليابس وهي الحساسية في الجلد، واستدل الجمهور بحديث الباب على أن استعمال الحرير للرجال يجوز في الجرب ولمرض كالحكة وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: إنما الجائز في الجرب ما كان لحمته من حرير وسداه من غيره، وإنه يكره في غير الحرب والمرض، فأما الحرير الخالص فلا يباح للرجال إلا عند الاضطرار، وحمل أبو حنيفة حديث الباب على الاضطرار حيث لم يتيسر في السفر إلا الحرير الخالص أو على أنه صلى الله عليه وسلم إنما أباح لهما الملحم يعني ما كان لحمته من حرير وسداه من غيره، دون الحرير الخالص أو على أنه كان خصوصية لهما، ومما دل على الخصوصية ما أخرجه ابن عساكر عن ابن سيرين أن عمر رأى على خالد ابن الوليد قميص حرير فقال: ما هذا؟ فذكر له خالد قصة عبد الرحمن بن عوف فقال: وأنت مثل عبد الرحمن أو لك مثل ما لعبد الرحمن، ثم أمر من حضره فمزقوه ذكره الحافظ في الفتح [٦/ ١٠١] وقال: رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا. وأخذ أبو حنيفة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها" وأما الجمهور وأبو يوسف ومحمد فأخذوا بإطلاق حديث الباب حيث لم يقيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرخصة بالاضطرار ولا بالملحم ولا بالخصوصية. وقال في إعلاء السنن [١٧/ ٣٤٨] فقول أبي حنيفة في الباب أورع وأحوط، وقولهم أوسع وأقوى وأضبط والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في روايته البخاري في اللباس [٥٨٣٩]، وأبو داود في اللباس [٤٠٥٦]، والنسائي في الزينة [٥٣١٠ و ٥٣١١]، وابن ماجه في اللباس [٣٦٣٧].