عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ. قَال: رَأَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيَّ ثَوْبَينِ مُعَصْفَرَينِ. فَقَال:"إِن هذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفارِ، فَلَا تَلبَسْهَا"
ــ
عبد الله بن عمرو بن العاص) بن وائل السهمي المدني الصحابي المشهور رضي الله عنهما (أخبره) أي أخبر لجبير بن نفير. وهذا السند من ثمانياته (قال) عبد الله بن عمرو (رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين) أي مصبوغين بزهر العصفر، والعصفر بضم العين والفاء بينهما مهملة ساكنة نبت كانوا يصبغون بزهره الثياب فيكون لونها أصفر وبزره يسمى القرطم بوزن زبرج بالأرميا (صوفي) ومن خواصه أنه يلين اللحم الغليظ إذا طرح فيه شيء منه عند الطبخ، والعصفر الذي يصبغ به منه ريفي ومنه بري وكلاهما ينبت بأرض العرب يقال عصفر ثوبه إذا صبغه به فتعصفر كذا في تاج العروس (فقال) لي (إن هذه) الثياب المعصفرة (من ثياب الكفار) أي من لباسهم (فلا تلبسها) حذرًا من التشبه بهم.
وهذا يدل على أن علة النهي عن لباسها التشبه بالكفار، وقوله في الرواية الأخرى "أمك أمرتك بهذا؟ يشعر بأنه إنما كرهها لأنها من لباس النساء، وظاهرهما أنهما علتان في المنع، ويحتمل أن تكون العلة مجموعهما، قال النووي: اختلف العلماء في الثياب المعصفرة فأباحها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك لكنه قال: غيرها أفضل منها اهـ. وفي الجوهرة لا يجوز للرجال لبس المعصفر والمزعفر والمصبوغ بالورس أشار إلى ذلك في الكرخي في باب الكفن اهـ.
والصحيح أن علة الكراهة في ذلك أنه صبغ النساء وطيب النساء وقد قال صلى الله عليه وسلم "طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" رواه الترمذي [٢٧٨٨]، والنسائي [١٥١/ ٨] اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في اللباس باب في الحمرة [٤٠٦٦] إلى [٤٠٦٨]، والنسائي في الزينة باب ذكر النهي عن لبس المعصفر [٥٣١٦ و ٥٣١٧]، وابن ماجه في اللباس باب كراهة المعصفر للرجال [٣٦٤٨].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال: