عشرة من الهجرة، وهو ابن سبع وتسعين سنة بعد وفاة ابنه أبي بكر الصديق بأشهر (ورأسه) أي أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم والحال أن رأسه (ولحيته) بيضاوان (مثل الثغام أو) قال جابر مثل (الثغامة) والثغام وكذا الثغامة بفتح الثاء المثلثة وتخفيف الغين المعجمة مثل سحاب وسحابة نبت ثمره وزهره شديد البياض في الأرميا (وإن أدي) شبه بياض الشيب به قاله أبو عبيد، وقال ابن الأعرابي: شجرة تبيض كانها الثلجة والملح.
وأسند الفاكهي عن ابن مسعود قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغار ذهبت أستخبر وأنظر هل أحد يخبرني عنه فأتيت دار أبي بكر فوجدت أبا قحافة فخرج علي ومعه هراوة فلما رآني اشتد نحوي وهو يقول هذا من الصباة الذين أفسدوا علي ابني، وجاء به أبو بكر رضي الله عنه يوم الفتح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هلا تركت الشيخ في بيته حتى آتيه" فقال: يمشي هو إليك يا رسول الله أحق من أن تمشي، وأجلسه بين يديه ثم مسح على صدره فقال:"أسلم تسلم" كذا في الإصابة [٢/ ٤٥٣].
(فأمر) النبي صلى الله عليه وسلم (أو) قال جابر (فأمر به) أي بالمشي به (إلى نسائه) أي إلى محارمه أو زوجاته، والشك من أبي الزبير والآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم فـ (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (غيروا هذا) الشيب الذي نبت به (بشيء) من الخضاب يعني بالحمرة أو الصفرة كما تدل عليه الرواية الآتية وهذا أمر بتغيير الشيب قال به جماعة من الخلفاء والصحابة لكن لم يصر أحد إلى أنه على الوجوب، وإنما هو مستحب، وقد رأى بعضهم أن ترك الخضاب أفضل وبقاء الشيب أولى من تغييره متمسكين في ذلك بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغيير الشيب على ما ذكروه وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يغير شيبه ولا اختضب.
قلت: وهذا القول ليس بشيء أما الحديث الذي ذكروه فليس بمعروف ولو كان معروفًا فلا يبلغ في الصحة إلى هذا الحديث، وأما قولهم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخضب فليس بصحيح بل قد صح عنه أنه خضب بالحناء وبالصفرة على ما مضى،