عيينة عن الزهري عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (وسليمان بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة المدني كلاهما (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن اليهود والنصارى لا يصبغون) من باب نصر أي لا يخضبون لحاهم وشعورهم (فخالفوهم) أيها المسلمون بخضاب لحاكم وشعوركم إذا شاب وابيضَّ أي اصبغوا لحاكم مما ليس بسواد لقوله صلى الله عليه وسلم؛ "واجتنبوا السواد" وخلاصة ما قال النووي في هذا الباب في الخضاب أقوال، أصحها أن خضاب الشيب للرجل والمرأة بالحمرة والصفرة مستحب وبالسواد حرام، قال صاحب المحيط: هذا في حق غير الغزاة، وأما من فعل ذلك من الغزاة ليكون أهيب في عين العدو لا للتزين فغير حرام، ولعل ما روي أن عثمان والحسن والحسين خضبوا لحاهم بالسواد كان للمهابة لا للزينة والله أعلم اهـ.
وحاصل الكلام في ذلك أن الخضاب بالسواد يختلف حكمه باختلاف الأغراض على أقوال: الأول: أن يكون الخضاب بالسواد من الغزاة ليكون أهيب في عين العدو وهذا جائز بالاتفاق. والثاني: أن يفعله الرجل للغش والخداع وليري نفسه شابًّا وليس بشاب فهذا ممنوع بالاتفاق، لاتفاق العلماء على تحريم الغش والخداع. والثالث أن يفعله للزينة فهذا فيه اختلاف بين العلماء فأكثرهم على كراهته تحريمًا وروي عن أبي يوسف أنه قال: كما يعجبني أن تتزين لي يعجبها أن أتزين لها. وحديث الباب حجة المانعين لأن الأمر بالاجتناب ها هنا عام مطلق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٤٠]، والبخاري في اللباس باب الخضاب [٥٨٩٩]، وأبو داود في الترجل باب الخضاب [٤٢٠٣]، والترمذي في اللباس باب ما جاء في الخضاب [١٨٥١]، والنسائي في الزينة باب الإذن في الخضاب [٥٠٦٩ إلى ٥٠٧٢]، وابن ماجه في اللباس باب الخضاب بالحناء [٣٦٦٥].
"دقيقة"
وإنما ذكروا الخضاب في كتاب اللباس لأن الخضاب لباس الشعر يمنعه من