بالنمرقة هنا الستر الذي تقدم ذكره وسمته نمرقة لأنه آل أمره إلى النمرقة كما يسمى العنب خمرًا نظرًا إلى مآله والنمارق في أصل الوضع الوسائد والمرافق، ومنه قوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥)} وقول الشاعر:
كهول وشبان حسان وجوههم ... على سرر مصفوفة ونمارق
غير أن هذا التأويل يبعده قولها في بقية الخبر لما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"ما بال هذه النمرقة؟ فقالت مجيبة: اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها" فهذا يصرح بأن هذه النمرقة غير الستر وأن هذا حديث آخر غير ذلك وحينئذ يستفاد منه أن الصورة لا يجوز اتخاذها في الثياب وإن كانت ممتهنة وهو أحد القولين كما قدمناه اهـ من المفهم، أي اشترت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نمرقة (فيها تصاوير) حيوان (فلما رآها) أي رأى تلك النمرقة (رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل) البيت، قالت عائشة (فعرفت) بضمير المتكلم (أو) قال القاسم (فعرفت) بالبناء للمجهول مع تاء التأنيث الساكنة (في وجهه) صلى الله عليه وسلم (الكراهية) والغضب أي أثرها وهو تغير لون الوجه من البياض إلى الحمرة (فقالت) عائشة (يا رسول الله أتوب إلى الله) تعالى من ذنبي (و) أعتذر (إلى رسوله) صلى الله عليه وسلم من سوء أدبي أي أرجع من المخالفة إلى رضاهما، وفي إعادة الجار دلالة على استقلال الرجوع إلى كل منهما (فماذا أذنبت) أي فأي ذنب ارتكبت يا رسول الله، وفيه أدب عظيم من عائشة رضي الله تعالى عنها حيث بدأت بالتوبة قبل السؤال عن الذنب وذلك لأنها تيقنت من أسارير وجهه صلى الله عليه وسلم أن هناك شيئًا ساءه فبادرت إلى التوبة أولًا ثم سألت عن الذنب (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال هذه النمرقة) التي عليها تصاوير حيوان (فقالت: اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها) أي تتوسدها بحذف إحدى التاءين، مضارع توسد من باب تفعل أي تتكئ عليها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم