وفي المشارق أي وليس بنافخ فيها أبدًا، قال ابن فرشته: هذا يدل على أن تصويرها حرام بل الوعيد فيها أشد مما في القتل لأنه ذكر في القتل فجزاؤه جهنم خالدًا فيها والخلود مؤول بطول المدة عند أهل السنة وها هنا لا يستقيم ذلك لأنه غيا العذاب بما لا يمكن وهو نفخ الروح فيها فيكون محمولًا على المستحيل أو على استحقاقه العذاب المؤبد اهـ.
وأجاب عنه الحافظ في الفتح [١٠/ ٣٩٤] بأنه يتعين تأويل الحديث على أن المراد به الزجر الشديد بالوعيد بعذاب الكافر ليكون أبلغ في الارتداع وظاهره غير مراد وهذا في حق العاصي بذلك، وأما من فعله مستحيلًا فلا إشكال فيه.
قلت: ويمكن تأويل رواية سعيد بن أبي الحسن بان المراد من قوله (حتى ينفخ فيها) حتى يأمره بنفخ الروح كما هو مصرح في الروايات الأخرى وهذا الأمر يكون للتعجيز كما تقدم، وليس المراد أن عذابه يستمر إلى أن يقع منه نفخ الروح فعلًا وهو لا يستطيع ذلك فيستمر إلى الأبد والله سبحانه أعلم.
قال القرطبي: قوله (كلف أن ينفخ فيها) من هنا رأى ابن عباس أن تصوير ما ليس له روح يجوز هو والاكتساب به وهو مذهب جمهور السلف والخلف وخالفهم في ذلك مجاهد فقال: لا يجوز تصوير شيء من ذلك كله سواء كان له روح أو لم يكن متمسكًا في ذلك بقول الله تعالى في الحديث القدسي "ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي فليخلقوا ذرة وليخلقوا حبة وليخلقوا شعيرة" فعم بالذم والتهديد والتقبيح كل من تعاطى تصوير شيء مما خلقه الله تعالى، وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علق بالمصورين من حيث تشبهوا بالله تعالى في خلقه وتعاطوا مشاركة فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع وهذا يوضح حجة مجاهد اهـ من المفهم. وقوله أيضًا (كلف أن ينفخ فيها) أي ألزم ذلك وطوقه ولا يقدر على الامتثال فيعذب على كل حال.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
٥٤٠٢ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا أبو غسان المسمعي) مالك بن عبد الواحد البصري، ثقة، من (١٠) روى عنه في (٩) أبواب (ومحمد بن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام)