أمام الأدلة المذكورة سابقًا في هذا الباب (فرأى) أبو هريرة (فيها) أي في سقف تلك الدار (تصاوير) جمع تصوير بمعنى مصور. وهذا السند من خماسياته (فقال) أبو هريرة زجرًا لهم عن صناعة التصوير (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل) في حديثه القدسي (ومن أظلم) أي ومن أشد ظلمًا (ممن ذهب) وقصد أن (يخلق خلقًا) ويصور (كخلقي) أي على مثال مخلوقي أي فعل الصورة وحدها لا من كل الوجوه إذ لا قدرة لأحد على خلق مثل خلقه تعالى فالتشبيه في الصورة وحدها، وظاهره يتناول ماله ظل وما ليس له ظل فلذا أنكر أبو هريرة رضي الله عنه ما نقش في سقف البيت اهـ قسطلاني (فليخلقوا) أي فليوجدوا إن قدروا (ذرة) بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء؛ أي نملة صغيرة أي فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى، وتحتمل الذرة أن تكون بمعنى الجزء الصغير من الشيء الذي يظهر في الشمس الداخلة من الكوة (أو ليخلقوا) وأو هنا وفيما بعده للتنويع أو بمعنى الواو أي وليوجدوا (حبة) من قمح بقرينة، وقوله (أو ليخلقوا شعيرة) وهو قرينة تدل على أن المراد هنا حبة من قمح اهـ إرشاد، قال النووي: معناه فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى كذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعيرة فليوجدوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيزهم تارة بتكليفهم خلق حيوان وهو أشد وتارة بتكليفهم خلق جماد وهو أهون ومع ذلك لا قدرة لهم عليه اهـ قسطلاني.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في اللباس باب نقض الصور [٥٩٥٣] وفي التوحيد باب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [٧٥٥٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٥٤٠٤ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط