للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا رَسُولَ الله، مَا لنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا

ــ

الأصحاب (يا رسول الله ما لنا بد) ولا غنى (من مجالسنا) على الطرقات، قال الحافظ في الفتح [٥/ ١١٣] القائل ذلك هو أبو طلحة وهو بين من روايته عند مسلم، وأشار به الحافظ إلى حديث لأبي طلحة أخرجه المصنف في السلام "باب من حق الجلوس على الطريق رد السلام" ولفظه (كنا قعودًا بالأفنية نتحدث فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فقال مالكم والمجالس الصعدات) الحديث.

قوله صلى الله عليه وسلم (إياكم والجلوس) .. الخ قال النووي: هذا الحديث كثير الفوائد وهو من الأحاديث الجامعة وأحكامه ظاهرة وينبغي أن يجتنب الجلوس في الطرقات لهذا الحديث ويدخل في كشف الأذى اجتناب الغيبة وظن السوء واحتقار بعض المارين وتضييق الطريق وكذا إذا كان القاعدون ممن يهابهم المارون أو يخافون منهم ويمتنعون من المرور في الطريق في أشغالهم بسبب ذلك لكونهم لا يجدون طريقًا إلا ذلك الموضع اهـ.

قوله (ما لنا بد من مجالسنا) أي ليس لنا فراق عن مجالسنا وغنى عنها. فإن (قلت) ما لهم أبوا أن ينتهوا ولم يقبلوا نهيه صلى الله عليه وسلم وهو عال عن منصبهم؟ (قلت) إنهم فهموا أن نهيه ليس للتحريم بل حملوه على التنزيه فلذا التمسوا منه الرخصة فعليه وسع - عليه السلام - الأمر عليهم بشرط أداء حق الطريق وعلمهم آداب الجلوس فيه والله أعلم.

وقال القاضي عياض: وقولهم ما لنا بد من مجالسنا فيه دليل على أن أمره صلى الله عليه وسلم ليس للوجوب وإنما كان على طريق الترغيب والأولى إذ لو فهموا الوجوب لم يراجعوه هذه المراجعة وقد يحتج به من لا يرى الأوامر على الوجوب، قال الحافظ في الفتح [١١/ ١١] بعد حكاية قول القاضي عياض رحمهما الله تعالى (قلت) ويحتمل أن يكونوا رجوا وقوع النسخ تخفيفًا لما شكوا من الحاجة إلى ذلك، ويؤيده أن في مرسل يحيى بن يعمر أي عند سعيد بن منصور "فظن القوم أنها عزمة ويحتمل أيضًا أن الصحابة رضي الله عنهم شعروا بأن هذا النهي ليس لعينه وإنما هو من قبيل سد الذرائع لصونهم عن الوقوع في محظور، ويؤيده أن أبا طلحة رضي الله عنه قال: إنما قعدنا لغير ما بأس قعدنا نتذاكر ونتحدث. وثبت فيما بعد أن الصحابة أصابوا في فهمهم

<<  <  ج: ص:  >  >>