للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَينَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَنْهى عَنْ مِثْلِ هذِهِ. وَيَقُولُ: "إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هذِهِ نِسَاؤُهُم"

ــ

على المنبر النبوي (يا أهل المدينة أين علماءكم) قال النووي: هذا السؤال من معاوية للإنكار عليهم بإهمالهم إنكار هذا المنكر وغفلتهم عن تغييره، وفي حديث معاوية هذا اعتناء الخلفاء وسائر ولاة الأمور بإنكار المنكر وإشاعة إزالته وتوبيخ من أهمل إنكاره ممن توجه ذلك عليه اهـ قال القرطبي: وقول معاوية هذا رضي الله عنه على جهة التذكير لأهل المدينة بما يعلمونه واستعانة على ما رام تغييره من ذلك لا على جهة أن يعلمهم بما لم يعلموا فإنهم أعلم الناس بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما في ذلك العصر، ويحتمل أن يكون ذلك فيه لأن عوام أهل المدينة أول من أحدث الزور كما قال في الرواية الأخرى (إنكم قد أحدثتم زي سوء) يعني الزور فنادى أهل العلم ليوافقوه على ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك فينزجر من أحدث ذلك من العوام، وقد فسر معاوية الزور المنهي عنه في هذا الحديث بالخرق التي يكثر النساء بها شعورهن بقوله (ألا وهذا الزور) وزاده قتادة وضوحًا و (الزور في غير هذا الحديث) قول الباطل والشهادة بالكذب وأصل التزوير التمويه بما ليس بصحيح اهـ من المفهم. وذكر الحافظ في الفتح [٦/ ٥١٦] أن الصحابة كانوا قليلين في المدينة إذ ذاك ومن بقي منهم أو التابعون إنما سكتوا عن الإنكار إما لعدم بلوغهم الخبر أو لأنهم رأوا في ذلك كراهة تنزيه كذا قال الحافظ، ويحتمل أيضًا أن يكون بعضهم قد وقع منه الإنكار ولكنه لم يشتهر ثم استظهر الحافظ في الفتح أن خطبة معاوية هذه وقعت في غير يوم الجمعة لأن قوله أين علماؤكم يدل على أنهم كانوا غائبين حينئذ ويبعد من العلماء أن يغيبوا يوم الجمعة. ولكن فيه نظر لأن قوله أين علماؤكم لا يدل على كونهم غائبين وإنما يقال مثل هذا للتنبيه والتوبيخ وإن كانوا حاضرين والله أعلم اهـ (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن) اتخاذ النساء (مثل هذه) القصة ووصلها بشعورهن (و) سمعته صلى الله عليه وسلم أيضًا (يقول إنما هلكت) وعذبت (بنو إسرائيل حين اتخذ هذه) القصة (نساوهم) ووصلنها بشعورهن ويظهر من هذا المذكور أن ذلك كان محرمًا عليهم وأن نساءهم ارتكبوا ذلك المحرم فأقرهن على ذلك رجالهم فاستوجب الكل العقوبة والهلاك بذلك وبما ارتكبوه من المعاصي العظائم اهـ مفهم، وفيه معاقبة العامة بظهور المنكر. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ٨٧]، والبخاري في اللباس [٥٩٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>