للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جاه أو مال يستكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم. وقال أبو عبيدة "المتشبع" أي المتزين بما ليس عنده يتكثر بذلك ويتزين بالباطل كالمرأة تكون عند الرجل ولها ضرة فتدعي من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده تريد بذلك غيظ ضرتها، وكذلك هذا في الرجال ويدخل فيه كل من يظهر خصلة لا توجد فيه (كلابس ثوبي زور) أي كمن يزور على الناس فيلبس لباس ذوي التقشف ويظهر بزي أهل الصلاح وليس منهم وأضيف الثوبان إلى الزور لأنهما ليسا لأجله وثني باعتبار الرداء والإزار، وقال بعضهم: أما تثنية الثوبين فلأن الحلة ثوبان فإذا لبس ثوبي زور فكأنه متصف بالزور من رأسه إلى قدمه. وقال الداودي: في التثنية إشارة إلى أنه كالذي قال الزور مرتين مبالغة في التحذير من ذلك، ويحتمل أن تكون التثنية إشارة إلى أنه حصل بالتشبع حالتان مذمومتان فقدان ما يتشبع به وإظهار الباطل هذا ملخص ما في شرح النووي وفتح الباري [٩/ ٣١٨] وقال ابن التين: معناه أن المرأة تلبس ثوب وديعة أو عارية ليظن الناس أنهما لها فلباسها لا يدوم وتفتضح بكذبها. وقال الداودي: أيضًا إنما كره ذلك لأنها تدخل بين الضرة وزوجها البغضاء فيصير كالسحر الذي يفرق بين المرء وزوجه اهـ عيني. والحاصل أن التشبع لا يخلو عن الرياء والنفاق وإلحاق الغم والقلق والإضجار والأذى لضرتها وهذه الخصال كلها حرام والله أعلم.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات. وقال الدارقطني: في العلل حديث هشام عن أبيه عن عائشة إنما يرويه هكذا معمر ومبارك بن فضالة ويرويه غيرهما عن فاطمة عن أسماء وهو الصحيح، قال: وإخراج مسلم حديث هشام عن أبيه عن عائشة لا يصح والصواب حديث عبدة ووكيع وغيرهما عن هشام عن فاطمة عن أسماء حكاه النووي.

ولكن لِمَ لا يجوز أن يكون الحديث مرويًّا عن عائشة وأسماء جميعًا لا سيما إذا كان رواة كل من الطريقين ثقات وإخراج مسلم كلا الحديثين دليل على أن كليهما صحيح عنده، وذكر الحافظ في الفتح [٩/ ٣١٨] أن معمرًا ومبارك بن فضالة لهما متابع عند الجوزقي ويظهر من كلام الحافظ أنه يرجح تصحيح كلا الحديثين وأنه رواه عبدة بكلا الوجهين والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>