فَقَال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: فَوَاللَّهِ, لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا. قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ , فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيتُ عُمَرَ؛ فَقُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا
ــ
(وبطنك) أي ولأوقعن الوجع على بطنك وقلبك بالتقريع والتوبيخ (أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا) الحديث وأو هنا بمعنى إلا وأن مضمرة بعدها وجوبًا والفعل منصوب بها محلًا واللام زائدة زيدت لتأكيد اللام الأولى، والتقدير والله لأوجعن ظهرك وبطنك إلا أن تأتيني بمن يشهد لك على هذا الحديث.
وظاهر هذا تهديد لأبي موسى وحقيقته زجر غيره لأن من دون أبي موسى إذا رأى هذه القضية أو سمعها وإن كان في قلبه مرض وأراد أن يصنع حديثًا بترويج مرامه الفاسد ينزجر ويخاف ولا يجترئ على وضع حديث وإلا فكيف يظن بعمر أنه ظن في حق أبي موسى أنه صنع لمرامه حديثًا وأنه أجل وأعلى عند عمر من ذلك والله أعلم (فقال أبي بن كعب) لأبي موسى (فوالله لا يقوم معك) ولا يشهد لك على هذا الحديث (إلا أحدثنا) أي إلا أصغرنا وأقلنا (سنًّا) أي عمرًا، ثم قال لي أبي بن كعب (قم) معه (يا أبا سعيد) لتشهد له عند عمر، قال أبو سعيد (فقمت) مع أبي موسى (حتى أتيت عمر) بن الخطاب (فقلت) لعمر أشهد أني (قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا) الحديث، ومراد عمر رضي الله عنه بطلب البينة من أبي موسى حماية الشرائع والسنن أن يزاد فيها أو ينقص وحسم مادة التقول على النبي صلى الله عليه وسلم وسد بابه عن الناس لا أنه شك في صدقه وظن أن أبا موسى تقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يقله، وأبو موسى كان عالمًا بكيفية الاستئذان وعدده فاستأذن بمثل ما علم وعمر وإن كان عالمًا بمشروعيته ولكن خفي عليه العدد فلذا أنكر على أبي موسى واستبعد وطلب البينة، ومراد أبي بن كعب أن الحديث مشهور عندهم وإن خفي على عمر حتى يعرفه أصغرهم والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال: