متن الحديث فيها لما في هذه الرواية من المخالفة للراوية الأولى في بعض الكلمات، فلا اعتراض عليه في تكرار الحديث متنًا وسندًا، لأنه لغرض (قال) أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث) خصال أو خصال ثلاث وسوغ الابتداء بالنكرة ما تقدم (من كُنَّ) أي من وُجِدن تلك الثلاث وحصلن (فيه) وغلبن عليه، فكان تامة كما مر (وجد طعم الإيمان) أي ذاق حلاوة الإيمان ولذته وانشراحه في صدره وانبساطه في قلبه، أحدها خصلة (من كان يحب المرء) المسلم حالة كونه (لا يحبه) لغرض من الأغراض الدنيوية (إلا لله) أي إلا لأجل دين الله تعالى وأخوة الإيمان.
(فإن قلت) لم قيد هذا الحب بأن يكون لله خالصًا، ولم يقيد حُب الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك (قلت) يُجاب عن ذلك بأجوبة:
(أحدها) لما كانت محبة الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث كونه رسولًا لله سبحانه لا تكون إلا لله جل وعلا، لم يشترط فيها أن لا يحبه إلا لله تعالى، لأنه تحصيل الحاصل.
(ثانيها) أن مطلق حب الرسول صلى الله عليه وسلم يجر في الغالب إلى التصديق به، وذوق حلاوة الإيمان، لأن المحب ينقاد إلى محبوبه في غالب الأحيان ومحبه صلى الله عليه وسلم بإطلاق لا يخلو من نفع ولو ببعض التخفيف من عذاب النيران إذا كان من أهل الكفران، ويدل عليه حديث أبي طالب وأبي لهب عمَّيه، فترك هذا الشرط من حبه صلى الله عليه وسلم ترغيبًا للخلق في محبته الموجبة لكل الخير أو بعضه.
(ثالثها) أن الذي ذكر من حبه صلى الله عليه وسلم هو المقام الأعلى منه، وهو الميل إليه، وإيثاره على كل شيء سواه حتى على نفس المحب لدخوله في عموم ما سواهما، وذلك مستلزم لحصول أعلى مراتب الإيمان فلا يحتاج إلى التقييد بهذا الشرط.
(ورابعها) أن ذكر محبته صلى الله عليه وسلم مع محبة الله عزَّ وجلَّ ثم إضافته إليه إضافة تشعر بعظيم منزلته عنده ثم الجمع بينهما في ضمير واحد يدل على أن حبه من معنى حب الله تعالى، وأنه لأجله، فأغنى ذلك عن ذكر ذلك القيد، ولما انتفت هذه