أقبل رجل من اليهود يقال له ثعلبة بن الحارث، فقال: السام عليك يا محمد فقال: "وعليكم" فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون أحد الرهط المذكورين وكان هو الذي باشر الكلام عنهم كما جرت العادة من نسبة القول إلى جماعة والمباشر له واحد منهم (فقالت عائشة) رضي الله تعالى عنها مستعجلة لما فطنت كلامه لا علينا ما ذكرت (بل عليكم السام واللعنة) أي الطرد من رحمة الله، وفي رواية للبخاري في الاستئذان (فقالوا السام عليك ففهمتها فقلت عليكم السام) .. إلخ، وظاهر هذا اللفظ أن عائشة رضي الله تعالى عنها فهمت كلامهم بفطنتها فأنكرت عليهم وظنت أن النبي صلى الله عليه وسلم ظن أنهم تلفظوا بلفظ السلام فبالغت في الإنكار عليهم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن الله) سبحانه وتعالى (يحب الرفق) والسهولة والتيسير والمسامحة (في الأمر كله) إذا كان من حقوق العباد فيما بينهم لا في حقوق الله تعالى، وهذا من عظيم خلقه صلى الله عليه وسلم وكمال حلمه، وفيه حث على الرفق والصبر والحلم وملاطفة الناس ما لم تدع حاجة إلى المخاشنة (قالت) عائشة (ألم تسمع) يا رسول الله (ما قالوا) فإنهم قالوا السام عليكم فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة (قد قلت) وأجبت لهم بقولي (وعليكم) ذلك السام ففيه كفاية.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ٣٧]، والبخاري في مواضع منها في الاستئذان باب كيف يرد على أهل الذمة السلام [٦٢٥٦]، والترمذي في الاستئذان باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة [٢٧٠٢]، وابن ماجه في الأدب باب رد السلام على أهل الذمة [٣٧٤٢].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
٥٥١٧ - (٠٠)(٠٠)(حدثناه حسن بن علي) الخلال (الحلواني) المكي أبو محمد