للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"وَعَلَيكُمْ" قَالتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: بَلْ عَلَيكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ, لَا تَكُونِي فَاحِشَةً" فَقَالتْ: مَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا؟ فَقَال: "أَوَلَيسَ قَدْ رَدَدْتُ عَلَيهِمُ الَّذِي قَالُوا؟ قُلْتُ: وَعَلَيكُمْ"

ــ

جواب قولهم (وعليكم قالت عائشة) فـ (قلت) أنا مجيبة لهم لا علينا السام (بل عليكم السام والذام) هو بالذال المعجمة وتخفيف الميم ويقال بالهمز أيضًا وهو الذم ضد المدح والأشهر ترك الهمزة وألفه منقلبة عن واو، والذام والذيم والذم بمعنى العيب (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لا تكوني فاحشة) في الجواب أي لا تكوني قائلة بالكلام الفاحش بل عليك بالرفق، والفحش هو القبيح من القول والفعل، وقيل الفحش مجاوزة الحد في الكلام، وفي الأبي: أي لا يصدر منك كلام فيه جفاء وهذا منه صلى الله عليه وسلم أمر لعائشة بالتثبت والرفق وعدم الاستعجال وتأديب لها لما نطقت به من الكلام واللعنة وغيرهما، وكان صلى الله عليه وسلم يستألف الكفار بالأموال الطائلة فكيف بالكلام الحسن اهـ منه. (فقالت) عائشة فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أ (ما سمعت ما قالوا) لك يا رسول الله (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة (أ) تركتهم بلا رد عليهم (وليس) الشأن (قد رددت عليهم الذي قالوا) من السام بل رددت عليهم و (قلت) لهم (وعليكم) ذاك السام الذي قلتم لا علينا.

قال النووي: وفي هذا الحديث استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم يترتب عليه مفسدة، قال الشافعي رحمه الله تعالى: الكيس العاقل هو الفطن المتغافل، ودل الحديث أيضًا على استحباب اللين من الكلام سواء كان المخاطب كافرًا أو معاندًا اهـ.

قول عائشة (بل عليكم السام والذام) الذام بتخفيف الميم، الرواية المشهورة فيه بالذال المعجمة وهو العيب ومنه المثل (لا تعدم الحسناء ذامًا) أي عيبًا، ويهمز ولا يهمز يقال ذأمه يذأمه مثل دأب عليه يدأب واسم المفعول مذؤوم مهموزًا، ومنه {مَذْءُومًا مَدْحُورًا} ويقال ذامه يذومه مخففًا كرامه يرومه، قال الأخفش: الذام أشد العيب وقد وقع للعذري هذا الحرف (الهام) بالهاء يعني هامة القتيل وصداه التي كانت العرب تتحدث بها وهي من أكاذيبها كما تقدم وتعني بذلك عائشة على هذا القتل دعت عليه بالموت والقتل، وقال ابن الأعرابي: بالدال المهملة وفسره بالدائم،

<<  <  ج: ص:  >  >>