لم يكن للمسلم حاجة إلى الذمي وإلا فلا بأس عليه، وقال الطيبي: المختار أن المبتدع لا يبدأ بالسلام ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذميًا أو مبتدعًا يقول استرجعت سلامي تحقيرًا له وأما إذا سلموا على المسلم فقد جاء في حديث آخر أنه يرد عليهم بقوله وعليكم ولا يزيد عليه ولكن الدعاء لهم بمقابلة إحسانهم غير ممنوع لما روي أن يهوديًّا حلب للنبي صلى الله عليه وسلم نعجة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم جمله" فبقي اسوداد شعره إلى قريب من سبعين سنة اهـ من المبارق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٤٣٦]، وأبو داود في الأدب [٥٢٠٥]، والترمذي في الاستئذان باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة [٢٧٠١].
قال القرطبي: قوله (لا تبدؤوا اليهود) .. الخ إنما نهى عن ذلك لأن الابتداء بالسلام إكرام والكافر ليس أهلًا لذلك فالذي يناسبهم الإعراض عنهم وترك الالتفاف إليهم تصغيرًا لهم وتحقيرًا لشأنهم حتى كأنهم غير موجودين، وقوله (فاضطروه إلى أضيقه) أي لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكرامًا لهم واحترامًا، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى والعطف وليس معنى ذلك أنا إذا لقيناهم في طريق واسع أننا نلجئهم إلى حرفه حتى نضيق عليهم لأن ذلك أذى منا لهم من غير سبب وقد نهينا عن أذاهم اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٥٥٢٢ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (كلهم) أي كل من شعبة وسفيان وجرير رووا (عن سهيل) بن أبي صالح (بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن أبي هريرة، غرضه بسوق هذه الأسانيد الثلاثة بيان متابعة شعبة وسفيان وجرير لعبد العزيز الدراوردي، وفائدتها تقوية السند الأول (و) لكن (في حديث وكيع) لفظة (إذا لقيتم