للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَال: يَا سَوْدَةُ, وَاللَّهِ مَا تَخْفَينَ عَلَينَا. فَانْظُرِي كَيفَ تَخْرُجِينَ. قَالتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِي. وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ. فَدَخَلَتْ فَقَالتْ: يَا

ــ

ضرب الحجاب عليها) وطريق الجمع بين الروايتين رواية هشام ورواية الزهري أن قصة سودة مع عمر وقعت مرتين قبل نزول الحجاب كما في الرواية الآتية من رواية ابن شهاب وأخرى بعد نزوله كما في رواية هشام هنا.

قال الحافظ في الفتح [٨/ ٥٣١] والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي حتى صرح بقوله له عليه الصلاة والسلام احجب نساءك وأكد ذلك إلى أن نزلت آية الحجاب ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلًا ولو كن مستترات فبالغ في ذلك فمنع منه وأذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعًا للمشقة ورفعًا للحرج ومما يزيد هذا الجمع أن عمر رضي الله عنه نادى سودة في المرة الأولى بقوله قد عرفناك يا سودة، وناداها في المرة الثانية بعد نزول الحجاب بقوله (يا سودة والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين) فكأنه رضي الله عنه لم يكتف بضرب الحجاب على أمهات المؤمنين وإنما أراد أن يمنعن من الخروج أصلًا ولم يقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك اهـ.

(فرآها) أي فرأى سودة (عمر بن الخطاب) رضي الله عنهما حالة خروجها ليلًا (فقال) عمر لها أي ناداها (يا سودة والله ما تخفين علينا) بتلففك في ثيابك وبظلام الليل بل نعرفك (فانظري) يا سودة أي فكري في شأنك وفي منزلتك (كيف تخرجين) من بيتك فيطلع عليك البر والفاجر وأنت من أمهات المؤمنين (قالت) عائشة (فانكفأت) سودة من الانفعال أي انقلبت وانصرفت من طريقها قبل قضاء حاجتها حالة كونها (راجعة) إلى بيتها ومنزلها (ورسول الله صلى الله عليه وسلم) أي والحال أنه (في بيتي وإنه) صلى الله عليه وسلم (ليتعشى) أي ليأكل العشاء (وفي يده) صلى الله عليه وسلم (عرق) أي عظم عليه لحم، والعرق بفتح العين وسكون الراء، قال صاحب العين: العراق بضم العين العظم الذي لا لحم عليه وإن كان عليه لحم فهو العرق بفتح العين وسكون الراء يقال تعرقت العظم وأعرقته إذا تتبعت ما عليه اهـ من الأبي. وهذا المعنى هو المشهور، وقيل العرق هو القذر من اللحم وهو شاذ ضعيف (فدخلت) سودة علينا في بيتي (فقالت يا

<<  <  ج: ص:  >  >>