للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا. فَأَتَيتُهُ أَزُورُهُ لَيلًا فَحَدَّثْتُهُ. ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ. فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي, وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ, فَمَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ,

ــ

رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من سداسياته (قالت) صفية كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفًا) في المسجد، قد تقدم الكلام على الاعتكاف لغة وشرعًا في كتابه (فأتيته) صلى الله عليه وسلم (أزوره) أي حالة كوني أريد زيارته، وقوله (ليلًا) متعلق بأتيته (فحدثته) أي فتحدثت معه صلى الله عليه وسلم، قال القرطبي: فيه دليل على جواز زيارة المعتكف والتحدث معه غير أنه يكره الإكثار من ذلك لئلا يشتغل عما دخل إليه من التفرغ لعبادة الله تعالى، وأما على أنه لا تكره له الخلوة مع أهله في معتكفه ولا الحديث معها وإنما الممنوع المباشرة لكن هذا للأقوياء ومن يخاف على نفسه غلبة شهوة فلا يجوز له لئلا يفسد اعتكافه وقد كان كثير من الفضلاء يجتنبون دخول منازلهم في نهار رمضان مخافة الوقوع فيما يفسد الصوم أو ينقص ثوابه اهـ من المفهم. قالت صفية (ثم قمت) من عنده صلى الله عليه وسلم (لأنقلب) وأرجع إلى بيتي (فقام) النبي صلى الله عليه وسلم (معي ليقلبني) بفتح الباء وكسر اللام من باب ضرب أي ليصرفني ويردني ويشيعني ويرجعني إلى بيتي، ووقع في رواية علي بن حسين عند البخاري في الاعتكاف (كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه فرحن فقال لصفية بنت حيي "لا تعجلي حتى أنصرف معك" وكان بيتها في دار أسامة بن زيد) والذي يظهر أن اختصاص صفية بذلك لكون مجيئها تأخر عن رفقتها فأمرها بتأخير التوجه ليحصل لها التساوي في مدة جلوسهن عنده أو أن بيوت رفقتها كانت أقرب من منزلها فخشي النبي صلى الله عليه وسلم عليها أوكان مشغولًا فأمرها بالتأخر ليفرغ من شغله ويشيعها قاله الحافظ في الفتح [٤/ ٢٧٨]. قوله (وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد) قال الحافظ أيضًا: أي في الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية وكانت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أبواب المسجد (فمر) علينا (رجلان من الأنصار) وقد مر في حديث أنس (فمر به رجل) بصيغة الإفراد ولا تعارض بينهما فإن العدد الأقل لا ينفي الأكثر ويمكن أن يكون أحدهما تابعًا للآخر فاستقل المتبوع بالذكر ودخل التابع فيه ضمنًا وبما أن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>