وعلى ظاهر هذا الحديث عمل عمر بن الخطاب والصحابة معه رضي الله عنهم أجمعين حين رجعوا من سرغ حين أخبرهم بهذا الحديث عبد الرحمن بن عوف وإليه صاروا وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: الفرار من الوباء كالفرار من الزحف، وإنما نهي عن القدوم عليه أخذًا بالحزم والحذر والتحرز من مواضع الضرر ودفعا للأوهام الموسوسة لنفس الإنسان، وإنما نهي عن الفرار منه لأن الكائن في الموضع الذي كان الوباء فيه لعله قد أخذ بحظ منه لاشتراك أهل ذلك الموضع في سبب ذلك المرض العام فلا فائدة لفراره بل يضيف إلى ما أصابه من مبادئ الوباء مشقات السفر فيتضاعف الألم ويكثر الضرر فيهلكون بكل طريق ويطرحون في كل فجوة ومضيق ولذلك يقال قلما فر أحد من الوباء فسلم ويكفي في ذلك موعظة قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَال لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا} قال الحسن: خرجوا حذرًا من الطاعون فأماتهم الله تعالى في ساعة واحدة وهم أربعون ألفًا، وقيل غير هذا اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
٥٦٣٢ - (٠٠)(٠٠)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (١٠)(حدثنا محمد بن بكر) الأزدي البرساني البصري، صدوق، من (٩)(أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار) الجمحي المكي (أن عامر بن سعد) بن أبي وقاص (أخبره) أي أخبر لعمرو بن دينار (أن رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (سأل) أباه (سعد بن أبي وقاص عن) حكم (الطاعون) هل يجوز الفرار منه أو الدخول عليه، والحال أن سعدًا بحضرة أسامة (فقال أسامة بن زيد) للرجل (أنا أخبرك عنه) أي عن حكم الطاعون الذي سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن دينار لمحمد بن المنكدر، فقال أسامة للرجل