في المدينة ويرجع إلى السيالة فكان إذا جمع صاحوا به فر من الطاعون فطعن فمات بالسيالة، وذكر أبو حاتم عن الأصمعي هرب بعض البصريين من الطاعون فركب حمارًا له ومضى بأهله نحو سفوان -ماء على قدر مرحلة من باب المربد من البصرة- فسمع حاديًا يحدو خلفه:
لن يسبق الله على حمار ... ولا على ذي منعة طيار
إذ يأتي الحتف على مقدار ... قد يصبح الله أمام الساري
وذكر المدائني قال: وقع الطاعون بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان فخرج هاربًا منه فنزل قرية من قرى الصعيد يقال لها سكر، فقدم عليه رسول لعبد الملك فقال له: ما اسمك؟ فقال: طالب بن مدرك، فقال: أوه، ما أراني راجعًا له إلى الفسطاط فمات في تلك القرية، وروى أبو عمر عن الأصمعي قال: لما وقع الطاعون الجارف بالبصرة فني أهلها -على ريح- وامتنع الناس من دفن موتاهم، فدخلت السباع البصرة على ريح الموتى وخلت سكة بني جربر فلم يبق الله فيها سوى جارية فسمعت صوت الذئب في سكتهم ليلًا فأنشأت تقول:
ألا أيها الذئب المنادي بسحرة ... إلي أنبئك الذي قد بدا ليا
بدا لي أني قد نعيت وأنني ... بقية قوم ورثوني البواكيا
وإني بلا شك سأتبع من مضى ... ويتبعني من بعد من كان تاليا
اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة الأول حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أسامة بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه إحدى عشرة متابعة، والرابع حديث عبد الرحمن بن عوف ذكره للاستشهاد به لحديث أسامة بن زيد وذكر فيه ثلاث متابعات.