جماعة أي لا تشاؤم بالبومة ولا حياة لهامة الموتى إذ كانوا يزعمون أن عظم الميتة يصير هامة ويحيا ويطير (فقال أعرابي) لم أر من ذكر اسمه أي قال رجل من سكان البوادي (يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء) بكسر المعجمة وبعدها موحدة فهمزة ممدودًا جمع ظبي حيوان معروف أي كأنها الظباء في النشاط والقوة والسلامة وصفاء بدنها، وجملة التشبيه حال من الضمير المستتر في خبر كان (فيجيء البعير الأجرب) أي صاحب الجرب (فيدخل فيها) أي في تلك الإبل (فيجربها كلها) بضم أوله أي يكون سببًا لوقوع الجرب بجميعها كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل على الأصحاء أمرضهم فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأبطله فلما أورد الأعرابي الشبهة (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمن أعدى) وأجرب البعير (الأول) أي ممن سرى إليه الجرب فإن قالوا من بعير آخر لزم التسلسل وهو محال أو قال بسبب آخر فعليهم أن يبينوه وإن قالوا الفاعل في الأول هو الفاعل في الثاني ثبت المدعى وهو أن الذي فعل ذلك بالجميع هو الله سبحانه فالجواب في غاية الرشاقة والبلاغة اهـ من الإرشاد.
وفي كتابنا مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى معرفة ابن ماجه قوله (لا عدوى) أي في الشرع أي لا مجاوزة للمرض ولا سراية من صاحبه إلى غيره بالمجاورة أو بالقرب منه (ولا صفر) في الشرع أي لا تشاؤم بدخول صفر، وفي سنن أبي داود عن محمَّد بن راشد أنهم كانوا يتشاءمون بدخول صفر أي لما يتوهمون أنه فيه تكثر الدواهي والفتن وقيل إن الصفر حية في البطن تهيج عند جوع صاحبها وربما قتلت صاحبها وكانت العرب ترى أنها أعدى من الجرب فنفى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "ولا صفر" كما مر آنفًا والمعنى عليه لا سراية لصفر من صاحبها إلى غيره كما تزعمه العرب (ولا هامة) في الشرع أي لا تشاؤم بنزول الهامة في القرى أو جنب الدار في الليل وصياحها لأنهم يزعمون أن ذلك يدل على موت صاحب القرية أو صاحب الدار، وقيل هي دابة تخرج من رأس القتيل ظلمًا أو تتولد من دمه فلا تزال تصيح في الليل جنب داره حتى يؤخذ بثأره كذا تزعمه العرب فكذبهم الشرع اهـ مناوي. وفي المرشد: الهامة بتخفيف الميم وجوز تشديدها هي دابة تظهر في الليل وتختفي في النهار من الطيور لها جناح كجناح