للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ أَبُو هُرَيرَةَ يُحَدِّثُنَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ قَال: "لَا عَدوَى" فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أبُو هُرَيرَة، أوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَينِ الآخَرَ؟

ــ

أقسمت بحياتي لقد كان أبو هريرة يحدثنا) أولًا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى فلا أدري) ولا أعلم (أنسي) أي هل نسي (أبو هريرة) الحديث الذي حدثناه يعني حديث لا عدوى (أو نسخ أحد القولين) أي أحد الحديثين يعني حديث لا يورد ممرض الحديث (الآخر) يعني حديث لا عدوى فلذلك أبي أبو هريرة عن تذكره، أما احتمال النسخ فإنما ذهب إليه أبو سلمة ظنًّا منه بأن الحديثين متعارضان فحديث لا عدوى ينفي تعديه الأمراض وحديث لا يورد ممرض .. الخ يثبته ولكن يجمع بينهما بأن المنفي في حديث لا عدوى كونه علة تامة مؤثرة والمثبت في حديث لا يورد ممرض كونه سببًا عاديًا من الأسباب فيحتمل أن يكون أبو هريرة نسي حديث لا عدوى، ويحتمل أيضًا أن يكون قد أمسك عن روايته لحكمة هو أعلم بها وعلى كونه قد نسي الحديث لا يقدح نسيانه في ثبوت الحديث لما تقرر في الأصول أن نسيان الراوي لا ينفي روايته إذا كان من روى عنه ثقة ولأن حديث لا عدوى مروي عن غير أبي هريرة أيضًا اهـ فتح الباري في باب لا هامة [١٠/ ٢٤٢ و ٢٤٣].

قال النووي: قال جمهور العلماء: الحديثان يعني حديث (لا عدوى) وحديث (لا يورد ممرض) هما صحيحان يجب الجمع بينهما قالوا وطريق الجمع بأن يقال إن حديث لا عدوى المراد به نفي ما كانت الجاهلية تزعمه وتعتقده أن المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى وقدره وأما حديث لا يورد ممرض فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وكذا (فر من المجذوم فرارك من الأسد) فنفى في الحديث الأول العدوي بطبعها ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بقدر الله وفعله وأرشد في الثاني إلى الاحتراز مما يحصل عنده الضرر بفعل الله تعالى وإرادته وقدره فهذا الذي ذكرناه من تصحيح الحديثين والجمع بينهما هو الصواب اهـ.

قال القرطبي: في بحث هذا الحديث أعني حديث (لا يورد ممرض .. الخ) الورود هو الوصول إلى الماء يقال أورد إبله إذا أوصلها إليه فصاحب الإبل مورد والإبل موردة، و (ممرض) اسم فاعل من أمرض الرجل إذا أصاب ماشيته مرض قاله يعقوب، و (مصح) اسم فاعل من أصح إذا أصابت ماشيته عاهة ثم صحت قاله الجوهري، وقد جمع أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>