الملائكة على حسب مراتبهم في السموات وأن الكل منهم لا يعلمون شيئًا من الأمور إلا بأن يعلمهم الله تعالى به كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا (٢٦) إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}.
وفيه ما يدل على أن علوم الملائكة بالكائنات يستفيده بعضهم من بعض إلا حملة العرش فإنهم يستفيدون علومهم من الحق سبحانه وتعالى فإنهم هم المبدؤون بالإعلام أولًا ثم إن ملائكة كل سماء تستفيد من التي فوقها وفي هذا دليل على أن النجوم لا يعرف بها علم الغيب ولا القضاء ولو كان كذلك لكانت الملائكة أعلم بذلك وأحق به وكل ما يتعاطاه المنجمون من ذلك فليس شيء منه علمًا يقينًا وإنما هو رجم بظن وتخمين بوهم، الإصابة فيه نادرة والخطأ والكذب فيه غالب، وهذا مشاهد من أحوال المنجمين والمطلوب من العلوم النجوميات ما يهتدى به في الظلمات وتعرف به الأوقات وما سوى ذلك فمخارف وترهات ويكفي في الرد عليهم ظهور كذبهم واضطراب قولهم وقد اتفقت الشرائع على أن القضاء بالنجوم محرم مذموم والله أعلم اهـ من المفهم.
(فتخطف الجن) أي تأخذ الجن بسرعة الكلام (السمع) أي المسموع لهم من الملائكة (فيقذفون) به أي يرمون به (إلى أوليائهم) وأصحابهم الكهنة (ويرمون) أي يرمى الجن عند استماعهم كلام الملائكة (به) أي بهذا النجم الساقط من السماء (فما جاؤوا به) أي فما جاء به الجن من الكلام لهم من الملائكة (على وجهه) وهيئته من غير خلط ولا تحريف (فهو حق) أي صدق لا كذب (ولكنهم) أي ولكن الجن (يقرفون) أي يخلطون (فيه) أي في الكلام المسموع لهم من الملائكة الكذب (ويزيدون) عليه مائة كذبة، قوله:(ويرمون به) بصيغة المجهول أي يرمى الجن بذلك النجم وهو الشهاب المرمى والله أعلم. قوله (فما جاؤوا به على وجهه) أي من غير تصرف فيه (فهو حق) أي ثابت وكائن أي فما أصابوا به موافقًا لما في الواقع فهو مسترق ومخطوف من السمع وما لم يصيبوا فهو المزيد من طرف أوليائهم الكهنة والمنجمين والله أعلم. قوله (ولكن يقرفون فيه) هذه اللفظة ضبطوها من رواية صالح على وجهين أحدهما بالراء، والثاني بالذال ومعنى يقرفون يخلطون فيه الكذب وهو بمعنى يقذفون كذا في النووي، ورواه