ذلك: "لا يسبن أحد منكم الدهر فإن الله هو الدهر" أي لا تسبوا الدهر على أنه هو الفاعل لهذا الصنيع بكم، فالله هو الفاعل له فإذا سببتم الذي أنزل بكم المكاره رجع السبُّ إلى الله تعالى وانصرف إليه اهـ.
قال القرطبي: ويراد بابن آدم هنا أهل الجاهلية ومن جرى مجراهم ممن يطلق هذا اللفظ ولا يتحرز منه فإن الغالب من أحوال بني آدم إطلاق نسبة الأفعال إلى الدهر فيذمونه ويسفهونه إذا لم تحصل لهم أغراضهم ويمدحونه إذا حصلت لهم، وأكثر ما يوجد ذلك في كلام الشعراء والفصحاء ولا شك في كفر من نسب تلك الأفعال أو شيئًا منها إلى الدهر واعتقد ذلك، وأما من جرت هذه الألفاط على لسانه ولا يعتقد صحة ذلك فليس بكافر ولكنه قد تشبه بأهل الكفر وبالجاهلية في الإطلاق وقد ارتكب ما نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فليتب وليستغفر الله تعالى والدهر والزمان والأبد كلها بمعنى واحد وهو راجع إلى حركات الفلك وهي الليل والنهار فالدهر هو امتداد حركة الفلك إلى ما لا نهاية له.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٧٢]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الأدب باب لا تسبوا الدهر [٦١٨١]، وأبو داود في الأدب باب الرجل يسب الدهر [٥٢٧٤].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
٥٧٢١ - (٠٠)(٠٠)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم و) محمد (بن أبي عمر) المكي العدني (واللفظ لابن أبي عمر قال إسحاق أخبرنا وقال ابن أبي عمر حدثنا سفيان) بن عيينه (عن الزهري عن) سعيد (بن المسيب عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن المسيب لأبي سلمة بن عبد الرحمن (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عزَّ وجلَّ يوذيني ابن آدم) أي يعاملني معاملة توجب الأذى في حقكم اهـ نووي، قال القرطبي: معناه يخاطبني من القول بما يتأذى به