معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن أيوب) السختياني (عن ابن سيرين عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر) أي خالقه وخالق ما فيه (ولا يقولن أحدكم) أيضًا (للعنب الكرم) أي لا تسموه بالكرم، وفي المرقاة: سمت العرب العنبة كرمًا ذهابًا إلى أن الخمر تورث شاربها كرمًا فلما حرم الخمر نهاهم عن ذلك تحقيرًا للخمر وتأكيدًا لحرمتها وبين أن قلب المؤمن هو الكرم لأنه معدن التقوى اهـ، حيث قال (فإن الكرم الرجل المسلم) أي إنما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم أو قلب المؤمن لأن الكرم مشتق من الكرم بفتح الراء، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فسمى قلب المؤمن كرمًا لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى، قال النووي: ففي هذه الأحاديث كراهية تسمية العنب كرمًا بل يقال عنب أو حبلة، قال العلماء: سبب كراهة ذلك أن لفظة الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذة من العنب سموها كرمًا لكونها متخذة منه ولأنها تحمل على الكرم والسخاء فكره الشرع إطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره لأنهم إذا سمعوا اللفظة ربما تذكروا بها الخمر وهيجت نفوسهم إليها فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك. وقوله أيضًا (لا يقولن أحدكم للعنب الكرم) بسكون الراء، وحكى ابن بطال عن ابن الأنباري أنهم سموا العنب كرمًا لأن الخمر المتخذة منه تحث على الكرم والسخاء ومكارم الأخلاق حتى قال شاعرهم: والخمر مشتقة المعنى من الكرم، فلذلك نهى عن تسمية العنب بالكرم حتى لا يسموا أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن الذي يتقي شربها أحق بهذا الاسم، وحكى القرطبي عن المازري: أن السبب في النهي أنه لما حرمت عليهم الخمر وكانت طباعهم على الكرم كره صلى الله عليه وسلم أن يسمى هذا المحرم باسم تهيج طباعهم إليه عند ذكره فيكون ذلك كالمحرك لهم قوله (فإن الكرم الرجل المسلم) وقد أخرج الطبراني والبزار من حديث سمرة رفعه "إن اسم الرجل المؤمن في الكتب الكرم من أجل ما أكرمه الله على الخليقة وإنكم تدعون الحائط من العنب الكرم".