الكوفي، ثقة، من (٨)(عن الأعمش عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح لعبد الرحمن بن يعقوب (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم) لعبده يا (عبدي فكلكم عبيد الله ولكن ليقل فتاي ولا يقل العبد) لسيده يا (ربي ولكن ليقل) يا (سيدي).
قوله (ولا يقل العبد ربي) يعني لا يصف العبد سيده بكونه ربًا له ولا يخاطبه بقوله يا ربي فإن الربوبية من صفات الله تعالى لا يشاركه فيها غيره، وقد ذكر العلماء أنه لا يجوز لأحد أن يقول لأحد غير الله تعالى "رب" كما لا يجوز أن يقال له "إله" ولكن الذي يختص بالله تعالى هو إطلاق لفظ الرب بدون إضافة، أما مع الإضافة فيجوز إطلاقه كما في قولهم رب الدار ورب المال ورب الغلام ورب الثوب وكذلك ورد هذا اللفظ بالإضافة في قوله تعالى حكاية عن يوسف - عليه السلام - {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} وفي قوله: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} وفي قوله تعالى: {فَأَنْسَاهُ الشَّيطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} وكذلك ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: "أن تلد الأمة ربها أو ربتها" وكل ذلك يدل على أن النهي في حديث الباب إنما هو للتنزيه والإرشاد إلى ما هو الأولى كما سبق آنفًا في النهي عن قولهم عبدي وأمتي وإلى هذا ذهب كافة العلماء قوله (ولكن ليقل سيدي) فيه تصريح بجواز إطلاق لفظ السيد على غير الله تعالى كما يدل على الجواز قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} وقوله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ: "قوموا إلى سيدكم" وفي سعد بن عبادة "اسمعوا ما يقول سيدكم" وفي الحسن بن علي رضي الله عنهما "إن ابني هذا سيد" وقوله صلى الله عليه وسلم لبني سلمة "من سيدكم يا بني سلمة" قالوا: الجد بن قيس على أنا نبخله قال: "وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم عمرو بن الجموح" أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأشار إليه تعليقًا في باب كراهية التطاول على الرقيق فهذه النصوص كلها تدل على جواز استعمال لفظ السيد لغير الله تعالى.
قال القرطبي: قوله (ولا يقل العبد ربي وليقل سيدي) إنما فرق بينهما لأن الرب من أسماء الله تعالى المستعملة بالاتفاق، واختلف في السيد هل هو من أسماء الله تعالى