الطيب) أي أحسنه وأجوده وأفوحه رائحة وأفضله طيبًا، وهذا موضع الترجمة، وفيه جواز استعمال المسك وقد انعقد عليه الإجماع، وقد حكي عن بعض الشيعة تحريمه ونجاسته لكون أصله دمًا أو عضوًا أبين من الحي ولكن المسك مستثنى من هذه القاعدة أو في معنى الجنين والبيض واللبن (فمرت) أي مشت تلك المرأة القصيرة (بين المرأتين) الطويلتين (فلم يعرفوها) أي فلم يعرفها الناس الذين يعرفونها أولًا لكونها طويلة الآن (فقالت) أي فأشارت تلك المرأة (بيدها) التي فيها الخاتم (هكذا) أي رافعة لها ليعرفها الناس، قال أبو أسامة (ونفض) أي رفع (شعبة يده) محركًا لها ليحكي لنا إشارتها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٤٥ و ٤٦]، والنسائي في الزينة باب أطيب الطيب [٥١١٩] وباب ذكر أطيب الطيب [٥٢٦٤].
قال القرطبي: قوله (كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة) .. الخ يحتمل أن تكون هذه المرأة فعلت هذا لتستر قصرها عن الناس فلا ينظرون إليها ولعل قصرها كان خارجًا عن غالب أحوال القصار فإن كان هذا فلا إثم عليها لصحة قصدها وحسن تسترها وإن كانت فعلت ذلك لتتزين بإلحاقها نفسها بالطوال فذلك ممنوع منه فإنه من باب تغيير خلق الله تعالى كما تقدم، وأما اتخاذها خاتم الذهب فجائز للنساء على ما ذكرناه وأما اتخاذها المسك فمباح لها في بيتها ويلحق بالمندوب إذا قصدت به حسن التبعل للزوج، وأما إذا خرجت فإن قصدت أن يجد الرجال ريحها فهي زانية كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أعني في حديث "والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" يعني زانية رواه الترمذي [٢٧٨٦] ومعناه أنها بمنزلة الزانية في الإثم وأما إذا لم تقصد ذلك فلا تسلم من الإثم كيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا" رواه مسلم وقال: "ليخرجن وهن تفلات" رواه أبو داود أي غير متطيبات وكل ذلك هو شرعنا وهل كان كذلك في شرع بني إسرائيل أو لا؟ كل ذلك محتمل اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال: