الأولى وسكون الياء والهاء الأخيرة كلمة استزادة معناها زدني منه شيئًا، وأصلها (إيه) بالهمزة المكسورة فإن نونتها فهي نكرة من أسماء الأفعال بمعنى زدني من أي حديث كان وإن كسرت الهاء الأخيرة ولم تنونها فهي اسم فعل أمر معرفة بمعنى زدني من حديث معهود بيننا فهي كمه وصه في تعريفها وتنكيرها وإعرابها (فأنشدته) أي قرأت له (بيتًا) واحدًا (فقال) لي مرة ثانية (هيه) أي زدني منه شيئًا (ثم أنشدت بيتًا) آخر (فقال) مرة ثالثة (هيه) فزدته (حتى أنشدته مائة بيت) من شعر أمية.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الأدب باب الشعر [٣٨٠٣].
قوله (حتى أنشدته مائة بيت) فيه جواز إنشاد الشعر "وهو قراءة شعر الغير" وجواز إنشائه "وهو ابتداء الشعر وتأليفه من عند نفسه" ومما يدل على الجواز أيضًا ما أخرجه البخاري في الأدب عن أبي بن كعب رضي الله عنه برقم [٦١٤٥] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن من الشعر حكمة" وقد ثبت سماع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر في غير ما حديث وكان يوضع المنبر في المسجد النبوي لحسان بن ثابت رضي الله عنه فينشد الأشعار ينافح بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودل على ذم الشعر والشعراء قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥)} الآيات وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة الآتي في هذا الباب "لأن يمتلئ جوف الرجل قيحًا يريه خير من أن يمتلئ شعرًا" ويجمع بين هذه النصوص المتعارضة بما ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها فيما أخرج عنها البخاري بسند حسن في الأدب المفرد قالت (الشعر منه حسن ومنه قبيح خذ الحسن ودع القبيح) وبما أخرجه أبو يعلى بسند ضعيف عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا "الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام".
فالمذموم من الشعر ما اشتمل على الكفر أو على الفسق كالدعاوي الكاذبة لقوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)} أو على الكلام الفاحش أو التغزل بأجنبية معينة أو بالأمرد أو هجاء إنسان بغير حق أو هجاء قبيلة لأجل رجل منهم أو غير ذلك من المعاصي فلا يجوز إنشاء مثله أو إنشاده إلا استشهادًا في اللغة وكذلك يذم من الشعر ما غلب على الإنسان بحيث صده عن القرآن والعلم وذكر الله تعالى فإذا بلغ هذا المبلغ لم